للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضعيفةُ العُدَدِ، لا تُعْنى على الأغلبِ في تحمُّلِهِ بأكثرَ مِنْ سماعهِ غُفْلاً (١)، ولا تتعنَّى في تقييدِهِ بأكثَرَ مِنْ كتابتِهِ عُطْلاً (٢)، مُطَّرِحِيْنَ علومَهُ التي بها جُلَّ قدرُهُ، مباعدينَ معارفَهُ التي بها فُخِّمَ أمرُهُ.

فحينَ كادَ الباحثُ عنْ مُشْكلِهِ لا يُلْفِي لهُ كاشفاً، والسائلُ عنْ علمِهِ لا يَلْقى بهِ عارفاً، مَنَّ اللهُ الكريمُ - تباركَ وتعالى - عليَّ (٣) - ولَهُ الحمدُ أجمعُ (٤) - بكتابِ ... " معرفةَ أنواعِ علمِ الحديثِ "، هذا الذي باحَ (٥) بأسرارهِ الخفيَّةِ، وكشفَ عَنْ مشكلاتِهِ الأبيَّةِ، وأحكمَ (٦) معاقدَهُ، وقعَّدَ قواعدَهُ، وأنارَ معالِمَهُ، وبيَّنَ أحكامَهُ (٧)، وفصَّلَ أقسامَهُ، وأوضحَ أصولَهُ، وشرحَ فروعَهُ وفصولَهُ، وجمعَ شتاتَ علومِهِ (٨) وفوائدَهُ، وقنصَ شواردَ نُكتِهِ وفرائدَهُ (٩). فاللهَ العظيمَ الذي بيدِهِ الضّرُّ والنَّفْعُ والإعطاءُ والمنعُ أسألُ، وإليهِ أضَّرَّعُ وأبتهلُ، متوسلاً إليهِ بكلِّ وسيلةٍ، متشفِّعاً (١٠)) إليهِ بكلِّ شفيعٍ، أنْ


(١) الغُفْل - بضمِّ الغين وسكون الفاء - هو الذي لا علامة به، يقال: أرضٌ غُفْلٌ، لا عَلَمَ بها ولا أثر عمارة، وأرضٌ غُفْلٌ: لم تمطر، ورجلٌ غُفْلٌ: لم يجرِّب الأمور.
قال ابن حجر ١/ ٢٢٨: ((وهي استعارة، يقال: أرض غُفْلٌ: لا عَلَمَ بها ولا أثر عمارة، فكأنه شبَّه الكتاب بالأرض، والتقييد بالنقط والشكل والضبط بالعمران)). وانظر: الصحاح ٥/ ١٧٨٣، ونكت الزركشي ١/ ٤٠.
(٢) عُطُل: بضمتين، ويجوز إسكان الطاء، معناه: الخلو من الشيء، وأصل استعماله في الحَلي، ويقال: عَطِلَ من المال والأدب، فهو عُطْلٌ. انظر: مقاييس اللغة ٤/ ٣٥١، واللسان ١١/ ٤٥٤، ونكت الزركشي ١/ ٤٠.
ولا بدَّ من التنبيه على أن المصنِّف أشار بذلك إلى أن الاقتصار على السماع والكتابة أدنى درجات علم الحديث. وانظر تفصيل ذلك في: نكت الزركشي ١/ ٤١، ونكت ابن حجر ١/ ٢٢٨.
(٣) ليست في (جـ) و (م).
(٤) في (ع) والتقييد: ((أن أجمع)). ولم ترد (أن) في شيء من النسخ الخطية ولا (م).
(٥) في (م): ((أباح)).
(٦) في (أ) حاشية نصها: ((أي أتقن المسائل المقررة)).
(٧) ساقطة من ب.
(٨) ((شتات علومه))، سقطت من (ب).
(٩) ساقطة من (أ)، وفي (جـ): ((وفريده))، وفي التقييد: ((وفوائده)).
(١٠) في (ب) و (جـ): ((مستشفعاً))، وسقطت: ((بكل وسيلة)) من (ب).

<<  <   >  >>