للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيرِهِ (١)، ولا مندرجٍ فيما حقَّقنا ضَبْطَ الحسَنِ بهِ على ما سبقَ، إذْ حكى أبو عبدِ اللهِ بنِ مَنْده (٢) الحافظُ: أنَّهُ سَمِعَ محمّدَ بنَ سَعْدٍ الباوَرْدِيَّ بمصرَ يقولُ: ((كانَ مِنْ مذهبِ أبي عبدِ الرحمانِ النَّسائيِّ أنْ يُخرِجَ عَنْ كلِّ مَنْ لَمْ يُجمَعْ على تركِهِ)) (٣)، قالَ ابنُ مَنْده:

((وكذلكَ أبو داودَ السِّجِسْتانيُّ يأخذُ مأخَذهُ ويُخَرِّجُ الإسنادَ الضعيفَ إذا لَمْ يجدْ في البابِ غيرَهُ؛ لأنَّهُ أقوى عِنْدَهُ مِنْ رأي الرِّجالِ)) (٤)، واللهُ أعلمُ.

الخامسُ: ما صارَ إليهِ صاحبُ " المصابيحِ " -رحمهُ اللهُ- مِنْ تقسِيْمِ أحاديثِهِ إلى نوعينِ: الصِّحَاحِ، والحِسَانِ، مُريداً بالصِّحَاحِ: ما وردَ في أحدِ الصحيحينِ أو فيهما، وبالحِسَانِ: ما أوردَهُ أبو داودَ والتِّرمذيُّ وأشباهُهما في تصانيفِهِم (٥)، فهذا اصطلاحٌ لا يُعْرَفُ، وليسَ الحسَنُ عِندَ أهلِ الحديثِ عبارةً عَنْ ذلكَ. وهذهِ (٦) الكُتُبُ تشتملُ على حَسَنٍ وغيرِ حَسَنٍ كما سَبَقَ بيانُهُ، واللهُ أعلمُ (٧).


= فيجب التنبيه على: أن سكوت أبي داود لا يستفيد منه كل أحد، فقد قال ابن حجر في النكت ١/ ٤٣٩: ((فلا ينبغي للناقد أن يقلّده في السكوت على أحاديثهم ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه؟)).
(١) أشار محقق (ع) إلى أنه في بعض نسخه: ((عنده))، وهذا ما نصره العلاّمة عبد الفتاح أبو غدة - يرحمه الله - في تحقيقه لتوجيه النظر ١/ ٣٦٥، ومن تأمل السياق علم أن ما نصره الشيخ خلاف ما قصده ابن الصلاح تماماً، كما أن كل من نقل عنه أو اختصر كلامه نقل ما أثبتناه. والله أعلم.
(٢) بفتح الميم والدال المهملة، بينهما نون ساكنة، وآخره هاء ساكنة. هكذا ضبطه ابن خلكان ٤/ ٢٨٩.
(٣) انظر: شروط الأئمة الستة لابن طاهر: ١٩.
(٤) شروط الأئمة: ٧٣، وانظر: نكت الزركشي ١/ ٣٤٢.
(٥) انظر: مصابيح السنة ١/ ٢ و ١٨٩.
(٦) في (ب): ((فهذه)).
(٧) قال الزركشي ١/ ٣٤٢: ((قد تبعه النووي وغيره في الاعتراض على البغوي، وهو عجيب؛ لأن البغوي لَم يقل: إن مراد الأئمة بالصحاح كذا، وبالحسان كذا، وإنما اصطلح على هذا رعاية للاختصار، ولا مشاحة في الاصطلاح)).
قال ابن حجر ١/ ٤٤٦: ((قلت: ومما يشهد لصحة كونه أراد بقوله الحسان اصطلاحاً خاصّاً له أن يقول في مواضع من قسم الحسان: هذا صحيح تارة، وهذا ضعيف تارة، بحسب ما يظهر له من ذلك. ولو كان أراد بالحسان الاصطلاح العام ما نوّعه في كتابه إلى الأنواع الثلاثة، وحتى لو كان عليه في بعض ذلك مناقشة بالنسبة إلى الإطلاق، فذلك يكون لأمر خارجي حتى يرجع إلى الذهول ولا يضر فيما نحن فيه، والله أعلم)). وانظر: التقييد ٥٥، وتعليقنا على شرح التبصرة ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣.

<<  <   >  >>