للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

داودَ " السِّجستانيِّ (١) - رَحِمَهُ اللهُ - رُوِّيْنا عنهُ أنَّهُ (٢) قالَ: ((ذكرْتُ فيهِ الصحيحَ، وما يُشْبِهُهُ ويُقَارِبُهُ)) (٣). ورُوِّيْنا عنهُ أيضاً ما معناهُ أنَّهُ يذكرُ في كلِّ بابٍ أصحَّ ما عَرَفَهُ في ذلكَ البابِ. وقالَ: ((ما كانَ في كتابي مِنْ حديثٍ فيهِ وَهْنٌ شديدٌ فقدْ بيَّنْتُهُ (٤) وما لَمْ أذكرْ فيهِ شيئاً فهوَ صالِحٌ، وبعضها أصحُّ مِنْ بعضٍ)) (٥).

قلتُ: فعلى هذا ما وجدناهُ في كتابِهِ مذكوراً (٦) مطلقاً وليسَ في واحدٍ

مِنَ الصحيحينِ، ولا نصَّ على صِحَّتِهِ أحدٌ ممَّنْ يُمَيِّزُ بينَ الصحيحِ والحسَنِ، عرَّفناهُ

بأنَّهُ مِنَ الحسَنِ عندَ أبي داودَ (٧)، وقدْ يكونُ في ذلكَ ما ليسَ بحسنِ عندَ


(١) بكسر السين والجيم، وسكون السين الثانية. انظر: الأنساب ٣/ ٢٤٨.
(٢) في (م): ((أن)).
(٣) هذا النص الذي يذكر في كتب المصطلح بلفظ: ((ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه وما يقاربه)). لم نجده في رسالة أبي داود إلى أهل مكة المطبوعة مع مقدمة بذل المجهود ١/ ٣٥، ولا في المطبوعة بتحقيق الدكتور محمد لطفي الصباغ، على الرغم من تظافر العديد من كتب المصطلح على نسبته إلى الرسالة. انظر: التقييد والإيضاح: ٥٥، وفتح المغيث ١/ ٧٧، وكشف الظنون ٢/ ١٠٠٥.
وقد رواه الخطيب في تاريخ بغداد ٩/ ٥٧ من طريق ابن داسة عنه، من غير عزو إلى رسالته، والذي يدلّ عليه صنيع الحازمي في شروط الأئمة الخمسة ٦٧ - ٦٨: أن هذا المقطع ليس في رسالة أبي داود، فإنه نقل نصاً من الرسالة ثمَّ قال عقبه: ((وقد روينا عن أبي بكر ابن داسة أنه قال: سمعت أبا داود
يقول: ... )) فذكره. وهذا هو مقصد ابن الصلاح، فإنه قال: ((روينا عنه أنه قال: ذكرت فيه الصحيح ... )) ثم قال: ((روينا عنه أيضاً ما معناه: أنه يذكر في كل باب أصحّ ما عرفه))، وهذا النقل الثاني عن رسالة أبي داود ١/ ٣٥ فكأنه يشير إلى أن الأول ليس في الرسالة. فرحمه الله ما أنبل قصده وأدق مسلكه)). انظر تعليقنا على شرح التبصرة ١/ ١٩٦.
(٤) قال ابن حجر ١/ ٤٣٥: ((وفي قول أبي داود: ((وما كان فيه وهن شديد بينته)) ما يفهم أن الذي يكون فيه وهن غير شديد أنه لا يبينه)).
(٥) رسالة أبي داود إلى أهل مكة١/ ٣٥ مع بذل المجهود. وفي نص الرسالة التي ساقها السيوطي بسنده في كتابه البحر الذي زخر ٣/ ١١١٧. وانظر: النفح الشذي ١/ ٢٠٨، ونكت الزركشي ١/ ٣٣٦ - ٣٤٢.
(٦) في (أ): ((ما وجدناه مذكوراً في كتابه مطلقاً)).
(٧) فيه نظر، بل هو خطأ محض؛ لعدة أمور، مِنْها: اختلاف روايات السُّنَن، ففي بَعْض الروايات من أقوال أبي دَاوُد مَا لَيْسَ في الأخرى، ثُمَّ إن أبا دَاوُد قد يُضعّف الحَدِيْث بالراوي، فإذا جاء هَذَا الرَّاوِي في حَدِيث آخر سكت عَنْهُ؛ لأنه تقدم الكلام عَلَيْهِ، ثُمَّ إن أبا عبيد الآجري في سؤالاته ينقل كثيراً من تضعيف أبي دَاوُد لبعض الأحاديث، وَهُوَ قد سكت عَنْهَا في سننه. وَقَدْ أطال الحافظ ابن حجر في نكته عَلَى ابن الصَّلاح ١/ ٤٣٢ - ٤٤٥ في بحث هذِهِ المسألة، وذكر أمثلتها. =

<<  <   >  >>