للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتَّى ضَعَّفَهُ بعضُهُم مِنْ جِهةِ سُوءِ حفظِهِ، ووثَّقَهُ بعضُهُم؛ لِصِدْقِهِ وجلالَتِهِ، فحديثُهُ مِنْ هذهِ الجهةِ حَسَنٌ، فلمَّا انضمَّ إلى ذلكَ كونُهُ رُويَ مِنْ أوجهٍ أُخَرَ (١)، زالَ بذلكَ ما كنَّا نخشاهُ عليهِ مِنْ جهةِ سوءِ حفظِهِ، وانجبرَ بهِ ذلكَ النقصُ اليسيرُ، فصحَّ هذا الإسنادُ والتحقَ بدرجةِ الصحيحِ (٢)، واللهُ أعلمُ.

الرابعُ: كتابُ أبي عيسى التِّرمِذيِّ -رَحِمَهُ اللهُ - أصلٌ في معرفةِ الحديثِ الحسَنِ، وهو الذي نَوَّهَ باسمِهِ وأكثرَ مِنْ ذِكْرِهِ في " جامِعِهِ ". ويوجدُ في متفرقاتٍ منْ كلامِ بعضِ مشايخِهِ، والطبقةِ التي قبلَهُ كأحمدَ بنِ حنبلٍ، والبخاريِّ، وغيرِهِما (٣) وتختلفُ النُّسَخُ مِنْ كتابِ الترمذيِّ في قولِهِ: ((هذا حديثٌ حسَنٌ))، أو ((هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ))، ونحوِ ذلكَ (٤). فيَنْبَغِي أنْ تُصَحِّحَ أصلَكَ بهِ (٥) بجماعةِ أصولٍ وتعتمدَ على ما اتَّفَقَتْ عليهِ.

ونصَّ الدَّارَقطنيُّ في " سُنَنِهِ " على كثيرٍ مِنْ ذلكَ (٦). ومِنْ مظَانِّهِ (٧) " سننُ أبي


(١) في (ب): ((وجه آخر)).
(٢) انظر فيما يتعلق بهذا الحديث: نكت الزركشي ١/ ٣٣٠، ونكت ابن حجر ١/ ٤١٦.
(٣) وجد التعبير بالحسن في كلام من هو أقدم منهما كالشافعي ومالك، بل من هو أقدم كإبراهيم النخعي وشعبة وعلي بن المديني وغيرهم.
ولكن الملاحظ على تعابيرهم: أن منهم من أراد المعنى الاصطلاحي، ومنهم من لم يُرده. انظر: نكت الزركشي ١/ ٣٣١، والتقييد ٥٢، ونكت ابن حجر ١/ ٤٢٤.
(٤) نقل الزركشي ١/ ٣٣٤ عن ابن دقيق العيد أنه قال: ((إن النُّسَخ من كتاب الترمذي تختلف في قوله: حسن صحيح، أو حسن، وأكثر ما يعتمده المتأخرون رواية الكروخي وهي مخالفة في التصحيح لرواية المبارك بن عبد الجبار)).
(٥) ليست في (ب).
(٦) أي: من الحسن. انظر: نكت الزركشي ١/ ٣٣٦.
(٧) مَظِنَّة الشيء: الموضع الذي يُظنُّ كونه فيه، قال الجوهري: ((ومَظِنَّةُ الشيء: موضعه ومألفه الذي يُظنُّ كونه فيه، والجمع: المَظانُّ)). وفي اللسان: ((المظانُّ: جمع مَظِنَّة - بكسر الظاء -: وهي موضع الشيء ومَعْدِنه - مَفْعِلَة - من الظنّ بمعنى: العلم، قال ابن الأثير: وكان القياس فتح الظاء، وإنما كُسِرت لأجل الهاء، قال: ويجوز أن تكون من الظنّ بمعنى العلم والميم زائدة)). انظر: الصحاح ٦/ ٢١٦٠، والنهاية ٣/ ١٦٤، واللسان ١٣/ ٢٧٤.

<<  <   >  >>