للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا قاعدة يطلقونها كثيراً "لا مشاحة في الاصطلاح" مع أننا ذكرنا مراراً أن هذه القاعدة غير مسلمة بإطلاق لا بد من تقييدها، فإذا كان الاصطلاح الذي يصطلحه الإنسان لنفسه ويبينه بحيث لا يبقى فيه لبس للقارئ أو السامع لا يخالف ما تقرر في علم من العلوم، تقرر عند أهله فإنه لا مشاحة في الاصطلاح، لكن إذا تضمن مخالفة لعلم من العلوم، لا سيما ما يترتب عليه حكم شرعي، فإنه حينئذٍ يشاحح فيه، وذكرنا من الأمثلة في هذا أن أعراف الناس تتفاوت في والد الزوج ووالد الزوجة، بعض الناس يسمونه عمَّ، وبعضهم يسمونه خال، وحينئذٍ نقول: لا مشاحة في الاصطلاح؛ لأن هذا الاستعمال دارج في هذا وهذا على حد سواء، وأيضاً لا يترتب عليه حكم شرعي، لكن لو اصطلاح شخص يؤلف في الفرائض يقول: أنا أسمي أخ الأب خالاً، تسمونه عماً أنا أسميه خال، مثل ما تسمون والد الزوجة خال، أنا أسميه عمَّ أيش يصير؟ أو أسمي أخ الأم عماً، نقول: لا، هذا يترتب عليه أحكام شرعية، ويخالف ما تقرر في هذا العلم، وفي غيره من العلم، أخو الأم خال، وأخو الأب عم، ولا يمكن أن يصطلح على غير هذا؛ لأنه يترتب عليه تغيير في الأحكام الشرعية المتعلقة بهما، طيب لو قال: أنا اصطلح لنفسي أن يكون ما عن يمين القبلة جنوب، وما عن يسارها شمال، يقول: الشام في الجنوب، واليمن في الشمال، الناس يقولون العكس أنا بأصطلح هذا، ويؤلف في الجغرافيا ويكتب على هذا الأساس، نقول: لا، تخالف ما عليه جميع العقلاء، لو قال: السماء تحت، والأرض فوق، قلنا: لا، تشاحح في اصطلاحك، لو قال: الشمال في مكانه شمال، والجنوب في مكانه جنوب، لكن بدل ما ترسم الخارطة الشمال فوق والجنوب تحت يقول: أنا بأعكس، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، أنت ما غيرت من الواقع شيء، قلبت الخريطة ما في إشكال.