فأقول: أما ما قرره هذا الرجل في مقدمته من «يسر هذه الشريعة المحمدية» وبعدها كل البعد عن الآصار والأغلال. فأمر لا يختلف فيه اثنان من المسلمين، ولا يشك فيه سواهم من علماء الملل الأخرى المنصفين، ولكن لم يرد به هذا الرجل حقًّا، بل أراد به باطلًا من حيث لا يشعر، وذلك أنه لا دليل فيها بوجه على ما ذهب إليه، كما أنه لا دليل فيها بوجه على صحة الصلاة بل ولا صحة ابتدائها قبل دخول الوقت بلحظة لا في حق المريض ولا في حق غيره، فلو أن قائلًا قال بصحة هذه الصلاة مستدلًّا بهذه القاعدة العظيمة - وهي يسر الشريعة المحمدية وبعدها عن الآصار والأغلال - لكان أقل أحواله أن يعد من أجهل الجاهلين. ونظير ذلك لو استدل بها الصائم الذي آلمه الجوع والعطش على جواز الإفطار لعد من الجاهلين الخاطئين، ومن أعظم الجناة على شريعة رب العالمين، وكم نزع أرباب الشهوات بهذا الأصل على ارتكابهم ما ارتكبوه من المعاصي. أفيكونون بذلك معذورين؟ كلا!
ويسر الشريعة المحمدية: مثل إفطار المسافر في رمضان، وإفطار المريض الذي يضره الصوم، ونحو ذلك، وكقصر المسافر الرباعية إلى ركعتين، وتيمم المريض بشرطه، وتيمم عادم الماء، ونحو ذلك مما هو منصوص عليه أو ملحق بالمنصوص عليه لتحقق اجتماعه معه في العلة، وأمثلة ذلك معروفة.
وما علم حكمه من نص الكتاب أو السنة وما يلحق بذلك كإجماع الأمة ونحو ذلك فلا يجوز مخالفته استدلالًا بنصوص يسر الإسلام وبعده عن الحرج.