للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرباب هذا المسلك لا مناص لهم عن أن ينصبوا راية الخلاف بين النصوص، ويضربوا بعضها ببعض، ويسلطوا الجهلة على سلوك هذا السبيل الوبي المهلك، ويبقوا في أعظم حيرة، ويستعملوا أنواعًا وألوانًا من طرق الدرء في نحور النصوص، وأن تكون لهم الخيرة من أمرهم، وإليهم النظر فيما يلم بهم من حادثة، وأن يفزع كل إلى ما يشتهي عند الكارثة.

ونظير ذلك ما قرره في هذه المقدمة من (أن الشريعة بنيت على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها) فإنه حق، وأصل أصيل، والشأن كل الشأن في التطبيق، وصدق ذلك عند التحقيق، فليس كل من استدل بها على رأي رآه يكون مصيبًا، فلا دليل فيه على ما ذهب إليه، ولا مستأنس له فيه، فإن كثيرًا من المنحرفين عن الصواب لا يزالون يعولون في زعمهم في الانحراف على هذا الشأن، وهم ليسوا من فرسان هذا الميدان، وقد أخطأ هذا الرجل في تفريعه على هذه القاعدة بما يعرفه أهل العلم، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

وهكذا تقريره علة شرعية الحج، وأنه إقامة ذكر الله. فإن هذا صحيح ومعلوم بالنصوص، لكن أخطأ هذا الرجل في هذا المقام، وذلك أنه جعل ذكر الله المعني ها هنا هو الذكر القولي فقط دون الفعلي، ولم يعرج على ذكر الله الفعلي في أول بحثه أصلًا، بل لم يكتف بذلك، حتى صرح بما يقتضي خروج الذكر الفعلي عن ذلك.

ولم يدر المسكين أن الأذكار الفعلية أعظم شأنًا وأهم من الأذكار القولية،

<<  <   >  >>