للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: حتى إن هذا ليعد من التكاليف الآصارية، التي تبطله النصوص الدينية، وما اشتملت عليه من الرحمة والمصلحة والإحسان والحنان.

يقال: لا يعد هذا من الآصار إلا من انغمس في الإلحاد، وصرح بما يدل أنه عن الدين قد حاد، أو منافق قد عاث في الأرض والفساد وتستر بالدين وكان في الحقيقة للدين قد كاد، أو جاهل قد تزيا بزي أهل العلم وهو منهم في غاية الابتعاد، فعد ذلك من الحرج، وتصور أن لا مخرج منه إلا بما أدركه فهمه الذي مرج، وفارق أفهام السلف الصالح الذين أقاموا من الدين العوج، وعرفوا الخروج من المضايق بما يسر الله وشرعه من فرج، وذلك أن الناس إذا عملوا بغث رخصته، حشدوا جميعًا أو أكثرهم أول النهار خشية حر الشمس أو قبل الفجر فحصل ما فر منه من الزحام، وفات عليه غرضه الذي حوله قد حام، لتوسيع هذا الرجل لهم المجال، وتصريحه بما لم يسبق إليه في الاستدلال، فإنه صرح- كما يأتيك في رسالته- بما يقتضي أن حديث «فما سئل يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج» أن التحديد في أمثال هذا من باب الاستحباب، وليس له أي حظ من حكم الإيجاب، أو يفضي ما قرره إلى تأخيره عن يومه إلى الليل، فيلقون من مكابدة ظلامه كل ويل، أو إلى أن يستولي عليهم الكسل، فيفضي بهم إلى ترك العبادة مطلقًا أو تأخيرها التأخير الموقع في الإثم، وحينئذ يكون هذا الرجل قد فوتهم المأمور، وأوقعهم في نظير ما فر منه من المحذور، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ولعمري لا شيء أحسن من الاعتصام بالكتاب والسنة، والدرج على ما

<<  <   >  >>