للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

درج عليه صدر هذه الأمة، الذين هم القدوة والأئمة، الذين عرفوا من مراد الله ورسوله تأصيلًا وتفصيلًا ما حرمه أرباب الدعاوي الكاذبة، الذين صرحوا فيما كتبوه بأقلامهم بما يقتضي أنهم من أزجى الناس بضاعة في الشريعة المحمدية، وحظهم اللخبطة الشقاشق، والمخرفة والتحامق، وقد قدمنا أنه معلوم بالضرورة أن هذا الدين الإسلامي هو دين الرحمة والمصلحة رخصه وعزائمه.

قوله: «والنبي رمى جمرة العقبة يوم العيد في أول النهار، ثم رمى الجمار بقية الأيام فيما بعد الزوال» والكل سنة، وإنما فعل هذا وهذا توسعة منه على أمته، وبيانًا لامتداد وقته، كما وسع عليهم في الوقوف بعرفة في المكان والزمان، فإنه وقف بها بعد الزوال إلى الغروب عند الصخرات، وقال: «وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف» (١) وقال فيما رواه عروة بن مضرس المزني، أنه جاء النبي وهو واقف بمزدلفة، قال: قلت: يا رسول الله، جئتك من جبل طيء، أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي، ولا والله ما تركت من جبل تحب أن يوقف عليه إلا وقفت عليه فهل يجزيني ذلك؟ فقال رسول الله : «من شهد صلاتنا هذه. يعني بالمزدلفة. ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه» (٢) وقد استدل الإمام أحمد بهذا الحديث على أن وقت الوقوف يدخل فجر يوم عرفة، وجعل الأصحاب الوقوف إلى الغروب من الواجبات التي تجبر بالدم، والحديث لا يقتضيه. والله أعلم.


(١) أخرج مسلم. وزاد ابن ماجه: «وارفعوا عن بطن عرنة».
(٢) أخرجه أصحاب السنن.

<<  <   >  >>