يقال: مراد هذا الرجل بالسنة هاهنا السنة الاصطلاحية المعرفة عند الفقهاء بتعريف المستحب وهو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه. كما يعرف مما سبق من كلامه وما سيأتي منه. ومراده أيضًا أنه كما أن رمي جمرة العقبة يوم النحر أول النهار سنة، فالرمي في أيام التشريق بعد الزوال سنة، وأنه يجوز في أيام منى الثلاثة رمي الجمار قبل الزوال، كما رمى ﷺ جمرة العقبة في يوم النحر ضحى، فقاس رمي الجمار أيام التشريق على رمي جمرة العقبة يوم النحر في توسيع وقته، فيلزمه حينئذ أن يقيس أيام التشريق على يوم النحر في الاقتصار على رمي جمرة العقبة ولا فرق، وهذا قياس باطل، لمخالفته فعله ﷺ وقد قال مسلم في صحيحه: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعًا، عن عيسى بن يونس، قال ابن خشرم: أخبرنا عيسى عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا يقول:«رأيت النبي ﷺ يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر، ويقول: لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه».
ورميه ﷺ في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة ثلاث الجمرات بعد الزوال كما في حديث جابر الصحيح، وحديث ابن عباس، وحديث ابن عمر: يبطل هذا القياس من جهة الوقت، ومن جهة عدم اقتصاره ﷺ فيهن على رمي جمرة العقبة.
ورميه ﷺ الجمرات أيام التشريق بعد الزوال يدل على الوجوب؛ لأنه فعله ﷺ مشرعًا لأمته على وجه الامتثال والتفسير، فكان حكمه حكم الأمر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في «شرح العمدة»: والفعل إذا خرج