للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ببيانين (أحدهما): القولي الذي علمه ابن عباس وأُغيلمة بني عبد المطلب. و (الثاني): فعله برميه تلك الجمرة بعد طلوع الشمس على وجه الامتثال والتفسير المنزل منزلة الأمر. فما قبل طلوع الشمس ليس بوقت لرمي الجمرة في حق غير الضعفة، كما أن أول وقت رمي الجمرات أيام منى الثلاثة مبين بفعله الذي فعله على وجه الامتثال والتفسير المنزل منزلة الأمر، ولم يحتج هنا للبيان القولي لكون ابن عباس وأُغيلمة بني عبد المطلب وسائر الضعفة حاضرين معه ، مكتفين في معرفة وقت الرمي بفعله ، فكما استفيد من تحديد أول وقت رمي جمرة العقبة يوم النحر بطلوع الشمس أن ما قبله لا يصح فيه الرمي، فإنه استفيد من تحديده الثاني لأول وقت رمي الجمرات أيام التشريق بالزوال أنه لا يصح الرمي قبله.

ويقال «ثانيًا» مقتضى استدلال هذا الرجل- بكون الشريعة المحمدية شريعة اليسر البعيدة عن الآصار والأغلال على جواز الرمي أيام منى قبل الزوال- تجويز الدفع من مزدلفة ليلًا مطلقًا، وهو مقتضى استدلاله عليه أيضًا بحديث: «فما سئل يومئذ عن شيء قدِّم أو أُخِّر إلا قال: افعل ولا حرج» وإلا فما الفرق؟! أفتكون هذه حججًا إذا كانت في جانبه، وإذا كانت في جانب سواه لغت وسقطت.

ويقال أيضًا: السنة فرقت بين الضعفة وغيرهم، فجوزت الدفع لهم آخر ليلة جمع، ولم تجوز لواحد منهم الرمي أيام منى قبل الزوال خشية الزحمة، مما يعلم به أن التوقيت والتحديد لرمي الجمرات تلك الأيام آكد وأبلغ من التحديد والتوقيت للدفع من جمع. أفيكون المجوزون للدفع لغير الضعفة من جمع قبل

<<  <   >  >>