قيل لك: ولا ترم الجمرات قبل زوال الشمس أيام التشريق، لكون النبي ﷺ إنما رماها بعد الزوال ولم يرم قبله.
وأما حكم هذا الرجل على من قال بإجزاء رمي الجمرات جميعها إذا أُخرت فلم ترم إلا في آخر أيام التشريق مع منعهم رمي الجمرات أيام التشريق قبل الزوال (بالتناقض) فهو من جهله إنما المتناقض من يمنع تقديم العبادة على وقتها تارة ويجوزه تارة أخرى، والتسوية بين تقديم العبادة على وقتها وتأخيرها عن وقتها لا يستقيم، إذ تقديمها على وقتها مبطل لها، وتأخيرها عن وقتها غير مبطل لها، إنما فيه التحريم والتأثيم إذا لم يكن معذورًا، هذا في التأخير المحقق. أما تأخيرها إلى وقت هو وقت لجنسها فلا يحكم عليه بحكم التأخير الحقيقي، فإنه وقت في الجملة، كما في حديث عاصم بن عدي (١).
وزعم هذا الرجل عدم مخالفة النبي ﷺ فيما ذهب إليه بناءً على أمرين:
(أحدهما) أن النبي ﷺ رمى جمرة العقبة قبل زوال الشمس.
(الثاني) أن الفقهاء جوزوا تأخير رمي الجمرات إلى آخر أيام التشريق.
وقد قدمت لك بطلان دليله وفحش غلطه فيما ذهب إليه، وأنه إن أصر على القياس لزمه التناقض والانتكاس. وبما قدمته يعرف أن تجويزه رمي الجمار قبل
(١) الذي أخرجه الخمسة وصححه الترمذي «أن النبي ﷺ رخص لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون ليومين ثم يرمون يوم النفر».