للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)[النساء: ٥٩] والحق أيضًا رد ما تشابهت دلالته من النصوص إلى المحكم منها، ومخالف ذلك موسوم بزيغ القلب، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٧].

قوله: ولا شك أن الضرورة الحاصلة بنحو الزحام، المفضي بالناس إلى الموت الزؤام، أشد من حاجة الاستعجال.

يقال: من جوزه للاستعجال كالحنفية ومنعه مع الضرورة الموصوفة بهذه الصفة ولم يوجد منها مخرج شرعي فلا شك في غلطه حيث فرق بين متماثلين، بل جوزه في حال ومنعه في حال هي أولى بالجواز، وقول الحنفية في هذا الباب غير مسلم، ودعوى هذا الرجل الضرورة الموصوفة بتلك الصفة مردودة، والزحام إنما هو في بعض الوقت لا في جميعه، والشريعة المحمدية السهلة السمحة دلت على مخرج من هذه الضرورة لو ثبتت خير من هذا المخرج الذي زعمه هذا الرجل وتصوره لتمشيه على الأصول الشرعية، ومخرجه هو إنما بناه على شفا جرف هار، فإن الأعذار والضرورات لا تجوز تقديم عبادة على وقتها بحال، فلا يجوز للمريض ولا غيره أن يصلي الظهر ولا أن يحرم بها قبل زوال الشمس، وهكذا سائر الصلوات وكافة العبادات الموقتة بالأوقات من فرائض ومندوبات، وجمع العصر إلى الظهر للعذر الشرعي تقديمًا والعشاء إلى المغرب كذلك ليس من هذا الباب، إذ الوقتان في حق المعذور كالوقت الواحد،

<<  <   >  >>