للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يقول هذا إلا من هو من أجهل الناس بالأحكام، ودلالة الكلام، ومن المعلوم أنه يمكن العباس الرجوع إلى منى لرمي الجمار بدون أي مشقة، وإذا كان وجوب رمي الجمار عليه متحققًا- كتحقق وجوبه على غيره- فإنه لا يسقط عنه ذلك الواجب المتحقق الوجوب إلا برخصة متحققة، ولا رخصة هنا في ترك الجمار متحققة ولا مزعومة إلا عند هذا الرجل، وهذا الرجل لا يدري أي المشروعين آكد: المبيت بمنى لياليه؟! أم رمي الجمرات نهاره؟! فالمبيت بمنى إنما شرع بل وجب من أجل رمي الجمار.

وأذكر هاهنا بعض أدلة وجوب رمي الجمار: فمنها قوله ﷿: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٠٣] فإن هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، ومنها فعل النبي مع قوله: «خذوا عني مناسككم» ومنها رخصة النبي للرعاة في تأخير بعض الجمرات، فإن الرخصة لهم تفيد وجوب الرمي، ومنها رخصة النبي للعباس في ترك المبيت بمنى، فإنه من أدلة وجوب الرمي. كما سبق، فإن المبيت بمنى شرع من أجل رمي الجمار، ووجوب الوسيلة دليل على وجوب الغاية، وقياسه على المبيت باطل لعدم مساواة المبيت للرمي، فإن الرمي آكد من المبيت لكونه من الغايات، والمبيت من الوسائل، ولظهور أدلته، فإنه ثبت بالدليل القولي بالكتاب والسنة، وبفعل النبي ، ولأن النبي لما رخص لرعاة الإبل في ترك البيتوتة بمنى لم يرخص لهم في ترك الرمي، فبطل الإلحاق.

وبفرض وجود الزحام الشديد المسبب للموت أو دونه من كسر أو مرض

<<  <   >  >>