يستنيب خالدًا في تفرقة زكاته، والحج عبادة مركبة من مال وبدن فتدخله النيابة في رمي الجمار، وليس ذلك من التضييق في شيء.
قوله: ورمي الجمار ليس من الشروط ولا من الأركان، وإنما غاية ما يقال فيه: إنه واجب من الواجبات يؤمر به مع القدرة وليس في تركه مع العجز دم، لأن الدم إنما يكون في ترك المأمور وفعل المحظور بالاختيار، وهذا لم يترك مأمورًا بالاختيار ولا فعل محظورًا، والنبي ﷺ لم يأمر العباس أن يستنيب في الرمي، ولا أن يجبره بدم، على أن مبيته مستلزم لترك الرمي، إذ لم ينقل عنه أنه رجع إلى منى بالنهار لقصد رمي الجمار، ومثله رعاة الإبل، فإنه لم يأمرهم باستنابة من يبيت مكانهم لأنه ممكن.
يقال: قول هذا الرجل: غاية ما فيه. يعني الرمي. أنه واجب.
هذه شنشنة أعرفها من أخزم، وتقدم في كلامه ما يبدو منه عدم اعتقاده وجوب الرمي، وبينا هنالك بطلانه.
وما صرح به من أن تارك واجب الحج عجزًا لا دم عليه، معللًا بأن الدم إنما يكون في ترك المأمور وفعل المحظور بالاختيار. باطل، وجهل صرف، وذلك أن قاتل الصيد في الإحرام يجب عليه الجزاء قتله بالاختيار أو بغير الاختيار، وحالق الرأس تجب عليه الفدية إذا حلقه لعذر كما وقع لكعب بن عجرة، وفيه نزلت: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: ١٩٦] والمحصر يجب عليه ما استيسر من الهدي وهو لم يترك الواجب اختيارًا.