وتقدم الجواب عن استدلاله على عدم وجوب الرمي على السقاة بقصة العباس، وأن قصته من أدلة وجوب الرمي. وعدم نقل رجوع العباس إلى منى بالنهار لرمي الجمار لا يدل على أنه لم يرجع للرمي، لأنه ليس مما تتوفر الهمم والدواعي إلى نقله، للاستغناء عنه بالعلم بأصل الوجوب الذي لا يسقط إلا بدليل صريح والمبيت بمكة لا يفوت الرمي، والمبيت بمنى يفوت على العباس سقايته، ومجرد رمي الجمار لا يفوت عليه سقايته، لطول زمن المبيت وقصر زمن الرمي، ولا مشقة على العباس في مجيئه في اليومين الأولين من أيام منى، فالجمع بين المبيت بمكة ورمي الجمار بمنى ممكن بدون مشقة.
ولا يوافق هذا الرجل على استنابة رعاة الإبل من يبيت عنهم ممكن، بل ذلك غير ممكن شرعًا، كما هو معلوم في موضعه.
قوله: وكما لا تجوز الاستنابة في الوقوف بعرفة، ولا مزدلفة، والحلق، ولا التقصير، ولا المبيت بمنى، فهذا منها.
يقال: ليس في جواز الاستنابة في هذه المذكورات وعدمها ما يدل على المنع من الاستنابة في رمي الجمرات، فإنه مستفاد من دليل مستقل، معضود بالأدلة الدالة على جواز الاستنابة في أصل الحج، فإن بين واجب رمي الجمرات وغيرها من واجبات الحج فروقًا شرعًا معروفة، فلا يلزم من منع الاستنابة في بقية واجبات الحج منعها في رمي الجمرات. وبطريق الأولى الأركان، فإنه لا يلزم من منع الاستنابة فيها منع الاستنابة في الواجبات، فقياس الواجب على الركن باطل، إذ من المعلوم الفرق شرعًا بين العاجز عن الركن