للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعاجز عن الواجب، كما علم الفرق شرعًا بين تارك ركن الحج عمدًا وتارك واجبه، وقياس واجبات الحج على واجبات الصلاة غلط ظاهر، لما بينهما من الفرق.

قوله: ومن التناقض العجيب قولهم: إن العذر في المبيت يسقط الدم والإثم، والعذر في الرمي يسقط الإثم دون الدم. فإن هذا تفريق بين متماثلين لا يقتضيه النص ولا القياس، وقد قال النبي في شأن صفية: «أحابستنا هي؟ قالوا: نعم. قال: وهل أفاضت قالوا: نعم. قال: فلتنفر إذًا» (١) والوداع معدود من الواجبات، ولم يوجب في تركه للعذر دمًا.

يقال: لا تناقض بحمد الله، بل هو جار على أصول الشريعة المحمدية البعيدة كل البعد عن التناقض، والنبي فرق بينهما فرخص للرعاة في ترك المبيت ولم يرخص لهم في ترك الرمي، فثبت الفرق بين المبيت والرمي برخصة النبي للسقاة والرعاة في ترك المبيت وعدم رخصته لهم في ترك رمي الجمرات، وعلم من ذلك أن تفريق العلماء بينهما تفريق في محله.

وأيضًا من المعلوم أن شرعية المبيت ووجوبه من باب الوسائل، وشرعية رمي الجمار ووجوبه من باب الغايات، ويدخل في الوسائل من الرخصة للحاجة ما لا يدخل في الغايات، ولا يسوى بين الوسائل والغايات إلا من هو أجهل الناس.


(١) أخرجه الستة.

<<  <   >  >>