الذين اعتمدهم في مسلكه، لم يشاركوه في سوء صنيعه ومهلكه، فهم إن صح النقل عنهم إنما هو القول بالجواز، لا الرد على العلماء، ولا السعي في أن يجمعوا على خلاف السنة، والخروج عن طريق أهل الجنة جميع الورى، ولم يرموا واحدًا من الأمة بالجمود، والتقيد بدين الأباء والجدود، فضلًا أن يرموا بذلك كافة العلماء. وحينئذ تكون مقالته أول مطر سوء أصاب أرض الفلاة، وأول بوق آذنٍ برفض السنة أصغى إليه الجفاة، فوالله ما دعا قبله إلى هذه المقالة من إنسان، ولا جلب بخيله ورجله في زلزلة مناسك الحج ذو إيمان.
قوله: وقد سبق تسمية من قال بجوازه مطلقًا، وأنه مذهب لطاووس وعطاء، وجزم به الرافعي، وحققه الأسنوي، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد في المتعجل.
يقال: إن أراد أن هؤلاء تصلح أقوالهم لمصادمة السنة كفانا مؤونة الرد عليه. وإن أراد المسألة خلافية فالذي عليه أهل العلم قاطبة أن مثل هذا الخلاف لا يعد خلافًا، ومستندهم من الأصول الشرعية في ذلك مقرر في كتب الأصول وغيرها.
قوله: فقول هؤلاء العلماء في توسعة وقته هو ما تقتضيه الضرورة وتوجبه المصلحة في مثل هذه الأزمنة، على أنه لا يصادم نص الشارع بل يوافقه، ولو لم يرد أنه رمى يوم العيد قبل الزوال، ولا قال لمن سأله عن التقديم والتأخير:«افعل ولا حرج» لكان سكوته عن بيانه هو من العفو الدال على جواز فعله، فإن الحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من