للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأحد حج معهم من الأنام، أن يرمي قبل الزوال، ولم يخالفوا شرع إمام كل إمام، فضلًا عن أن تصلح لأن يقذف بها هدي النبي وسنته الثابتة من فعله التشريعي الخارج مخرج الامتثال والتفسير المقتضي للوجوب، ومن قوله : «خذوا عني مناسككم».

وقد تصور هذا الرجل أن طاووسًا وعطاءً والرافعي والأسنوي يصلون أن يتعارض أقوالهم نصوص الكتاب والسنة والإجماع وغيرهم.

بقي لدى هذا الرجل سهم واحد رمى به أئمة الإسلام والعلماء الأعلام الذين يحجون على الدوام، ولم يقدموا الرمي قبل الزوال ولم يجيء عنهم تجويزه بحال، وظن أنه لا يبقى لهم باقية، وأن رميته إياهم به تكون هي القاضية، وبعد أن وسمهم بالجمود والتعصب على مذهب الآباء والجدود، وذلك السهم هو قوله تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣)[الزخرف: ٢٣] ولعمري لئن كانوا هكذا، وإمامهم في مسلكهم ذلك خير الورى، فعلى الدنيا العفى، لانتشار الجهل والجفى وإقفار أرضها من القول بالحق والوفى.

وقد أحس هذا الرجل ها هنا بأنه وقع في أسوأ ورطة فقال: وبالتأمل لما قلناه يعلم أن كلًّا منا ليس بأول مطر صاب أرض الفلاة، ولا هو بأول أذان أُقيمت له الصلاة.

فوجد وحشة الوحدة، وظلمة فقد الحجة، فسلى نفسه بذكر من تصور أن قولهم بمثل مقاله ينفي الوحدة. ولعمري ما له في هذا الطريق من رفيق. وهؤلاء

<<  <   >  >>