للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطعني، حتى يقال: إنه أنزل نفسه بمنزلة فوق الرسول. وسائر علماء الأمة من عهد أبي بكر إلى وقتنا هذا يلزمون الناس بما في كتاب الله تعالى وما في سنَّة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم من أصول الدين وفروعه؛ ويثبتون من الأحكام ما أثبت الكتاب والسنَّة، وينفون ما نفاه الكتاب والسنَّة، لا يختلفون في ذلك؛ وحكمهم وإلزامهم إنما هو بطاعة الله ورسوله، وليس إلزاما بطاعتهم ورأيهم واجتهادهم، ومن نسب أحدا منهم إلى أنه يدعو بذلك (١) إلى نفسه، وينزِّل نفسه منزلة الرسول فقد خاب وافترى، وبهت أهل العلم وخلاصة الورى.

ومن المعلوم أن طاعة العلماء فيما أمروا به من دين الله وشرعه [٤٥] طاعة لله (٢) ورسوله؛ لأنها المقصودة بالأصالة، وطاعة أولي العلم تقع تبعا وضمنا لا استقلالا، فلا يترك الحق والدين والتزام ذلك لما فيه من طاعة الآمر والناهي، ومن تركه لذلك (٣) فقد استكبر على الله ورد الحق استصغارا واحتقارا لقائله والداعي إليه، وهذه العلة هي التي أوجبت لكثير من الناس تكذيب الرسل ورد ما جاءوا به.

قال تعالى عن آل فرعون: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤] [النمل / ١٤] .

وقال تعالى عمن كذَّب عبده ورسوله محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم من أشراف قومه ورؤسائهم: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١] [الزخرف / ٣١] .


(١) في (ق) : "في ذلك ".
(٢) في (ق) و (م) والمطبوعة: " الله".
(٣) في (ق) : " ترك ذلك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>