للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون الماهر؟ وأهل العلم عرفوا التوحيد والإيمان بأنه: قبول ما جاء به الرسول من الهدى ودين الحق باطنا وظاهرا، وإيثاره على غيره، وهذا يدخل فيه علم القلب (١) وعمله، وقول (٢) اللسان وعمل (٣) الأركان، فأين هذا من مجرد المعرفة وعدم البغض؟ وقد قيل فيمن لم يأخذ بالحق ويلتزمه مع معرفته له:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

وقد تقدم عن هذا أنه قال فيمن قال: "لا إله إلا الله إنه من أهل التوحيد والإيمان، ومن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا (٤) يضره عنده عبادة الصالحين والأوثان، ولا يحول بينه وبين ذلك، وهنا زعم أن المعرفة هي الإيمان والدخول فيه، هذا هو التناقض والتدافع والاضطراب، الذي لا يرتضيه أولو الأحلام والألباب.

وفي قول هذا من المؤاخذة اللفظية: أن "البليد" لا يختص بمعرفة دون الماهر، فكيف يقول: (يعرفه البليد دون الماهر) ؟ وأظنه يريد: فكيف الماهر، ولكنه ارتبك على عادته في العجمة، ولسنا بصدد هذا! وإنما المقصود بيان كذب هذا في دعوى التناقض، وأن هذا وصفه، وقد شنع سلف الأمة وأئمتها على من قال: (إن الإيمان هو التصديق) . وبدعوه وضللوه وذكروا لقوله من اللوازم المكفرة ما لا يتسع له هذا الجواب.

فسبحان من صد عن معرفة الهدى والرشاد كل من صدف عن دينه وتوحيده، وسعى في الأرض بالفساد.


(١) في (المطبوعة) : "اللب"، ولعله خطأ مطبعي.
(٢) في (ق) : "وقوله ".
(٣) في (ق) : "وعمله ".
(٤) في (ق) : "ولم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>