للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموتى والاستغاثة بهم، وسيأتي لهذا مزيد بسط.

وأما قوله: (وليس بكفر ولا محذور فيه، ولو لم يكن مندوبا لما أرشد عثمان بن حنيف إليه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم) .

فصريح هذا الكلام من المعترض أن ما ذكره الشيخ من دعاء الموتى والغائبين وجعلهم وسائط بين الله وبين خلقه لا محذور فيه، وليس بشرك، وأنه مندوب، فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، والكفر بعد الإيمان، إن لم يكن هذا هو الشرك الأكبر فليس في الأرض شرك، بل هذا (١) دين الصابئة والمشركين، ممن (٢) أعرض عن الرسل، ولم يؤمن بآيات ربه وأقوالهم وأوضاعهم واصطلاحاتهم في عبادة هذه الوسائط ودعائها، وجعل البيوت والسدنة والهياكل لها معروف مشهور لا يخفى.

قال تعالى عن خليله إبراهيم: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ - إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ - قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ - قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ - قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ - قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ} [الأنبياء: ٥١ - ٥٦] [الأنبياء: ٥١-٦٦] (٣) ونحو ذلك من الآيات الدالة على أن النزاع والخصومة بين الرسل وقومهم إنما هي في عبادة الله، وترك عبادة ما سواه.

وأما توحيد الربوبية فأكثر الأمم قد أقرت به لله وحده.


(١) في (ق) : "هو".
(٢) في بقية النسخ: "فمن ".
(٣) في (المطبوعة) سياقة الآيات كاملة حتى قوله تعالى: "أفلا تعقلون".

<<  <  ج: ص:  >  >>