للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥] [البقرة ٢٥٥] .

فتعليقها على الِإذن والرضى يراد به هذا المعنى، الذي هو صرف القلوب إلى باريها وفاطرها، وإسلام الوجوه له، عكس ما يفهمه المشرك من أن الاستثناء يفيد طلب ذلك من غير الله، وسؤال (١) ذلك الغير هذا المطلوب العظيم.

وإذا كان الحال هكذا فمن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً مما لا يطلب إلاَّ من الله كمغفرة الذنوب وهداية القلوب، ودخول الجنة والنجاة من النار وأنزل المطر، والنصر على الأعداء ودفع السوء والردى، ونحو ذلك مما يختص به (٢) تعالى، ولا يشاركه فيه مشارك فقد أشرك بربه وجعل له ندًّا وشريكاً في خالص حقِّه.

ولا ريب أن هذا الدعاء (٣) يقتضي إثبات قدرة عامة (٤) وعلم عام، وسمع محيط، لا سيَّما إن كان من يدعو الصالحين ويسألهم، جعل ذلك دَيدنَه في كل (٥) مكان وإن بعدت الديار وتناءت الأقطار، وإن زعم أنه لم يثبت قدرة ولا علماً ولا سمعاً عامًّا محيطاً لا يليق بالمخلوق، فهو مكابر ملبوس عليه، ثم في ذلك من الخضوع والذل والمحبة والِإنابة ما هو من خالص العبادة ولبها، فكيف جاز صرفه لغير الله؟


(١) في (ح) : " وسؤاله ".
(٢) في (ق) و (م) و (المطبوعة) زيادة: الله ".
(٣) في المطبوعة " زيادة: " الذي دعاه البوصيري واستغاث فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم ".
(٤) في (ح) : " تامة.
(٥) في " المطبوعات " زيادة: " زمان و ".

<<  <  ج: ص:  >  >>