للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من باب الوجد والأسف على فراقه، وذلك من باب الدعاء والطلب منه فأين هذا من هذا؟ هل قال حسان: أعطني وأنا عائذ، أو لائذٍ بك في الحوادث والملمَّات؟ وقد جاء في السلام عليه والتشهُّد في الصلاة (١) ما يفيد الفرق بين خطاب الْمُسَلِّم وخطاب الداعي الراجي، بل جاء في خطاب الموتى بالسلام ما يستبين به الفرق عند أولي الألباب والأفهام، وعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: " «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» (٢) عند زيارتهم، ولو خاطبهم بغير ذلك من المطالب والدعاء، وقال: "جئتكم مستجيراً، عائذاً بكم، مستغيثا (٣) لائذاً بحماكم، طالباً لبركم ونعماكم، وما لي عند الحوادث والمهمات سواكم " لكان (٤) ذلك من الشرك الأكبر؛ الذي اتفقت الرسل ونزلت الكتب بتحريمه وتكفير فاعله، أفيقال: هذا خطاب وما قبله خطاب، ويسوى بينهما للاشتراك في الخطاب؟ هذا لا يقوله إلاَّ أضل الخلق وأجهلهم (٥) وقد جبل الله الخلق على الفرق بين (٦) دعاء الميت والدعاء له، واتفقت الفِطَر والشرائع على الفرق بين ذلك؛ وأكثر الناس اجتالتهم الشياطين، وأحدثوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحللوا وحرموا بمجرَّد أهوائهم وآرائهم الضالة.

وأمَّا حديث أبي بكر: فسيأتي الكلام عليه؛ وأنه غير ثابت وأن


(١) ساقطة من (ق) و (م) .
(٢) أخرجه مسلم (٢٤٩ ـ ٩٧٤) ، أبو داود (٣٢٣٧) ، وابن ماجه (١٥٤٦) .
(٣) في (ق) : " مستشفعا ".
(٤) ساقطة من (ق) .
(٥) في (ق) و (م) : " أجهل الخلق وأضلهم ".
(٦) في (ق) : " فراق ".

<<  <  ج: ص:  >  >>