للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك: ردَّهم ما انفرد به أحد الرواة عن أصحابه الثقات الأثبات، كما رُدَّ على معمر ما انفرد به عن أصحاب الزهري، وكما رد على ابن إسحاق ما انفرد به في حديث أبي مسعود البدري في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكما رُدَّ على ابن عيينة مع جلالته وحفظه ما انفرد به عن أصحاب الزهري: من ذكر دبغ الِإهاب في حديث ميمونة.

وقد روى كلام أبي بكر ومقالته حين دخل على النبي صلى الله عليه وسلم عدد كثير، وجم غفير، وذكرها أصحاب السِّيَر عمَّن هو أعدل من القعقاع وأوثق وأشهر، فما وجه الأخذ بها لو سلمنا صحتها؛ وقد خالفت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، بل والإجماع، كما حكاه شيخ [١٣١] الإسلام وغيره؛ وهل يدع هذا كله ويرميه وراء ظهره إلاَّ من غلب عليه متابعة الهوى، وعدم الوقوف مع الكتاب والسنَّة والِإجماع؛ وهل ضلَّ أهل الكتاب إلاَّ بنبذهم (١) كتاب الله وراء ظهورهم، واتباع ما لم يثبت عن أنبيائهم وعلمائهم، بل هو مما أحدثه خلوفهم وجهالهم.

وهذه الكلمة وهي قوله: اذكرنا (٢) عند ربك، لو جاء بسندها المذكور كلمة تخالف الثابت من المرفوع والمأثور، في حكم من أحكام (٣) الفروع وجزئيَّات المسائل، كآداب التخلي ونحوه لم يسغ الأخذ بها، وترك ما هو أصح وأثبت وأدل، فكيف بالطلب من الموتى، ودعاء الأنبياء، والتوجه إليهم، الذي تظاهرت النصوص والآثار على تحريمه والمنع منه.


(١) في (ق) و (م) : " بنبذ ".
(٢) في (ق) و (م) زيادة: " يا محمد ".
(٣) في (ح) : " الأحكام ".

<<  <  ج: ص:  >  >>