للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتفرقت بهم (١) عن سبيله (٢) وهذا المعنى دل عليه القرآن في غير موضع. وأما قوله: (وأبطل بهذا الكلام جميع الشفاعات) (٣) فهذا أيضا صدر عن جهل عظيم؛ واعتقاد ذميم، فإن نفي (٤) الشفاعة التي ظنها المشركون حاصلة بالتعلق على الأنبياء والصالحين ومسألتهم مع الله: منفية بالكتاب والسنة؛ وإجماع الأمة، وهذه هي التي نفاها الشيخ وأهل العلم قبله، وأما الشفاعة التي جاءت بها السنة، وقال بها الأئمة فهي مقيدة بقيود تمنع مسألة غير الله للشفاعة وطلبها من سواه، ولا تحصل إلا بتجريد التوحيد لله العزيز الحميد، كما تقدم في حديث أبي هريرة (٥) [١٦٥] . والمعترض جاهلي لا يفرق بين النوعين، فظهر أنه هو العديم (٦) العلم والدراية، الجاهل بأحكام الرواية والرعاية لكلام الله وكلام رسوله وكلام العرب، فإن العربي سليم الفطرة يعرف بلغته أن القيد في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥] [البقرة -٢٥٥] . يفيد صرف الوجوه إلى من بيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله (٧) ولا يتقدم أحد بين يديه إلا بإذن ورضى لما يقول، وأنه لا يرضى الشفاعة فيمن أشرك به وسوى بينه وبين عباده في خالص حقه.


(١) في (ح) : "به".
(٢) في (ح) و (المطبوعة) : "سبيل الله".
(٣) في (ق) و (م) : "الشفاعة".
(٤) ساقطة من (ح) و (المطبوعة) .
(٥) في (المطبوعة) زيادة: "من أسعد الناس بشفاعتك".
(٦) في (ق) و (ح) : "عديم".
(٧) "وإليه يرجع الأمر كله" ساقطة من (ق) .

<<  <  ج: ص:  >  >>