للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نصَّ بعضهم على أنَّ هذا هو نكتة القيد في آيات الشفاعة. وأمَّا ما استدل به المعترض من أنَّ (١) الله جلَّ وعلا قال: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧] [محمد -٧] . وقال في الوضع الآخر: {وما النصر إلا من عند الله} [آل عمران: ١٢٦] [آل عمران -١٢٦، والأنفال -١٠] . فهذا أيضا: يدل على كثافة فهمه وانسلاخه من العلم، فإن النصر المثبت لهم غير المنفي عنهم، فنصرهم لله قيامهم بما افترض عليهم من الدعوة إلى سبيله، وجهاد أعدائه باليد واللسان والجنان، وأما النصر المنفي عنهم فهو الظهور على العدو، وقتله وهزيمته وفشله، واضمحلال كيده. قال تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧] [الأنفال -١٧] . فأثبت الله لنبيّه (٢) -صلى الله عليه وسلم- من الرمي ما يليق بحال البشر، وأما التأثير والإصابة والهزيمة بذلك الرمي وإيصاله إليهم فالله تعالى هو الفاعل له، الرامي في الحقيقة. فإذا تبيَّن هذا: فذلك دليل على أن الشفاعة التي تحصل بها النجاة والسعادة يد الله، وأن الشافع ليس بيده إلا مجرد الطلب والمسألة، بعد الإذن والرضى عمن شفع فيه، وأما القبول وتوفيق الشافع وإلهامه فكل هذا إلى الله وحده.


(١) في (ق) : "بأن".
(٢) في (م) و (ح) : "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>