للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قوله: (فكذلك الشفاعة) . فيقال: إن كانت الشفاعة كذلك فهي منفية عن غير الله، كما أن النصر منفي عن غيره، والمثبت منها ومن النصر لا يوجب أن يطلب من الغائبين والأموات شيء ألبتة. وقد ذكر شيخ الإسلام في ردِّه على النصارى (١) أن النبوَّات متفقة على المنع من دعاء الغائبين والأموات، فلا يدعون لشفاعة ولا غيرها. فقول المعترض: (إنَّ الشفاعة من عطائه، ومن الجزاء والفضل) ونحو هذا لا يفيد طلبها من غير الله كالأموات والغائبين، وليس كل ما أعطي العبد يجوز أن يُطْلب منه، فإن هذا لا يقوله عاقل. وأما قوله: إن المراد في قوله: {لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار: ١٩] [الانفطار -١٩] ، ذلك اليوم استقلالا. فهذا لا يفيده لو سلَّمناه، فإنَّ من لا يستقلّ بفعل أصلا، ولا طاقة له على الاستقلال ليس بمالك ولا متصرف بمجرَّد مشيئته وإرادته، مع أن المعنى المراد الذي نصَّ عليه أعيان المفسرين: نَفْي المُلْك مطلقا استقلالا وغيره. وأما نسبة الشيخ إلى الجهل وعدم العلم ببلاغة العرب التي نزل بها [١٦٦] القرآن، وأنه لا يعرف الكلام الإضافي من المطلق. فيقال: كل ضال ومفترٍ ينحو هذا النحو؛ ولا يتحاشى من الفجور في (٢) الخصام، والمنافقون نسبوا المؤمنين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى


(١) انظر: "الجواب الصحيح " (٣-١٣ و ٤-٤٦٢) .
(٢) في (ق) و (م) : "و".

<<  <  ج: ص:  >  >>