للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج)

الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة بل جعلوهم مسلمين) .

وقال النووي (١) - رحمه الله -: (واعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يكفر أهل الأهواء والباع وأن من جحد ما يعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك، فإن استمر حكم بكفره) .

إذا تبين هذا: فاعلم - أيضًا - أن بعضًا من المسلمين قد يخرج من الإسلام بارتكابه ناقضًا من نواقضه، كالغلو في الأولياء، ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو جعلهم واسطة بين الله وبين خلقه، أو غير ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) - رحمه الله -: (فإذا كان عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين قد انتسب إلى الإسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة حتى أمر النبي بقتالهم، فيعلم أن المنتسب إلى الإسلام أو السنة في هذه الأزمان قد يمرق - أيضًا - من الإسلام والسنة حتى يدعي السنة من ليس من أهلها؛ بل قد مرق منها، وذلك بأسباب: منها الغلو الذي ذمه الله تعالى في كتابه) .

إلى أن قال رحمه الله (٣) (وكذلك الغلو في بعض المشايخ. . بل الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحوه؛ بل الغلو في المسيح عليه السلام ونحوه، فكل من غلا في حي، أو في رجل صالح. . وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يقول: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده، أو يقول إذا ذبح شاة: باسم سيدي، أو يعبده بالسجود له، أو لغيره، أو يدعوه من دون الله تعالى، مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارزقني، أو أغثني، أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الربوبية التي تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له،


(١) شرح صحيح مسلم له (١ / ١٥٠) .
(٢) مجموع الفتاوى (٣ / ٢٨٣) .
(٣) مجموع الفتاوى (٣ / ٣٩٤ - ٣٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>