للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أنَّ الشيخ كفَّر بنفس الأفعال الصادرة ممن يدعو الصالحين، ويستغيث بهم ويسألهم (١) فزعمه أنه يكفِّر باللازم نقض (٢) لما تقدَّم.

ويقال: أي إنسان كفَّره الشيخ بلازم مذهبه؟ وفي أي مسألة؟ هذا لا يعرف عن الشيخ، ولا صدر منه قط في حق واحد، فإيراده عبارة ابن عقيل هنا تكثُّر بما لا يجدي، وتشبع بما ليس له، وهو كلابس ثوبي زور (٣) .

وأما قول الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: ١١٥] [النساء / ١١٥]

وما بعدها من الآيات، فهو الحق الذي لا ريب فيه، والهدى الذي لا ضلال يعتريه، والشأن كل الشأن في فهم خطابه وما دل عليه، وما انطوى عليه من الأحكام والدلالات، ليس المعنى ما زعمه هذا من أنه لا يكفر أحد حتى يتبين له الإيمان ويختار الكفر، بل المراد عند أهل العلم بالتأويل أن من تبين له ما جاء به الرسول من الحجة والبيان، ثم عاند وأصر وشاق الرسول، ولو ظنَّ إصابة نفسه، كالخوارج، متوعد بهذا الوعيد العظيم في هذه الآيات الكريمات، وليس المراد أنه لا يكفر إلا هذا الصنف من الناس، وقد تقدم من الآيات الدالة على تكفير من زين له سوء عمله فراه حسنًا، ومن ضلَّ سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه محسن.

وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: ٣٦] الآية [الزخرف / ٣٦] .


(١) في (ح) : "ويفعلهم".
(٢) في (ح) : "نقص لما نقض ".
(٣) يشير إلى الحديث الشريف الصحيح: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور".

<<  <  ج: ص:  >  >>