للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن هذا القول من البدع المشهورة، وقد اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين على أنه لا يخلد في النار أحد ممن في قلبه مثقال ذرة من إيمان (١) وقد نقل بعض الناس عن (٢) الصحابة في ذلك خلافا، لما (٣) روي عن ابن عباس أن القاتل لا توبة له، وهذا غلط على الصحابة، فإنه لم يقل أحد منهم إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشفع لأهل الكبائر، ولا قال إنهم يخلدون في النار، لكن ابن عباس في إحدى الروايتين عنه قال: "إن القاتل لا توبة له " وعن أحمد بن حنبل في قبول توبة القاتل روايتان أيضا، والنزاع في التوبة غير النزاع في التخليد، وذلك أن القتل يتعلق به حق آدمي؛ فلهذا حصل النزاع فيه، وأما قول القائل: "إنَّ الإيمان إذا ذهب بعضه ذهب كلّه"، فهذا ممنوع، وهذا هو الأصل الذي تفرعت منه البدع في الإيمان، فإنهم ظنوا أنه متى ذهب بعضه ذهب كله، لم يبق منه شيء، ثم قالت الخوارج والمعتزلة: هو مجموع ما أمر الله به ورسوله، وهذا هو الإيمان المطلق، كما قاله أهل الحديث، قالوا: فإذا، ذهب منه شيء لم يبق مع صاحبه شيء من الإيمان، فيخلد في النار وقالت المرجئة، على اختلاف فرقهم فلا يذهب بالكبائر وبترك الواجبات الظاهرة شيء منه إذ لو ذهب شيء منه لم يبق منه شيء، فيكون شيئا


(١) في (ق) و (المطبوعة) زيادة: "واتفقوا أيضا على أن نبينا صلى الله عليه وسلم يشفع فيمن يأذن الله له بالشفاعة فيه من أهل الكبائر من أمته، وفي الصحيحين عنه أنه قال: " لكل نبي دعوة مستجابة وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة"، وهذه الأحاديث مذكورة في مواضعها.
(٢) في (م) زيادة: " بعض".
(٣) في (ق) و (المطبوعة) : "كما".

<<  <  ج: ص:  >  >>