للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدا، يستوي فيه البر والفاجر، ونصوص الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه، كقوله: " «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان» " (١)) . انتهى المقصود منه.

فقف واعتبر يا من أنعم عليه، وتأمل كلام الشيخ الذي احتج به هذا المعترض الضال، فإنه صريح في أن الخوارج إنما خالفوا السلف، وانفردوا عن أهل السنَّة بالتكفير بالذنوب، التي دون الشرك، ودون ما يوجب الكفر، وأهل العلم قاطبة فرَّقوا بين هذا وبين رأي الخوارج، وعقدوا أبوابا مستقلة في أحكام المرتدين، واتفقوا على التكفير بإنكار الوحدانية، واتخاذ الآلهة من دون الله، كما عليه عُبَّاد القبور وعباد الملائكة والأنفس المفارقة، وجعلوا هذا أظهر شعائر الإسلام، وأعظم قواعده، وأكبر أركانه كما في حديث معاذ: " «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل اللَّه» " (٢) والحنابلة وغيرهم قرروا هذا في أبواب حكم المرتد، وكذلك من قبلهم من الأئمة. والسلف يكفرون من كفره الله ورسوله. وقام الدليل على كفره، حتى في الفروع. فيكفرون منكر (٣) هذه الأحكام المجمع على حلها أو تحريمها، كحل الخبز وتحريم الخنزير، بل جميع الرسل جاءت بتكفير من عدل بربه وسوى بينه وبين غيره، كما ذكره شيخ الإسلام في رده على اليهود والنصارى، ودليله ظاهر في كتاب اللَّه تعالى وسنَّة رسوله.

فإن كان تكفير المشرك، ومن قام الدليل على كفره هو مذهب الخوارج، ولا يكفر أحد عند أهل السنَّة، فهذا رد على الله وعلى رسله،


(١) أخرجه مسلم (١٩٣ ٣٢٥) .
(٢) سبق تخريجه.
(٣) في (م) : "من أنكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>