للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هـ)

أو من الطعام كذا، أو من الماء كذا، أو من الشمع كذا، أو من الزيت كذا، فهذا النذر باطل بالإجماع لوجوه منها: أنه نذر لمخلوق والنذر للمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون للمخلوق، ومنها: أن المنذور له ميت والميت لا يملك، ومنها: إن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى واعتقاده ذلك كفر) .

وعندما عرف الفقهاء المرتد، قالوا (١) المرتد: من أشرك بالله تعالى، أو كان مبغضًا للرسول صلى الله عليه وسلم ولما جاء به، أو ترك إنكار منكر بقلبه، أو توهم أن أحدًا من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار، أو أجاز ذلك، أو أنكر مجمعًا عليه إجماعًا قطعيًا، أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم، ومن شك في صفة من صفات الله تعالى ومثله لا يجهلها، فمرتد وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتد.

واعلم أن هذه المسألة - مسألة الغلو في الأولياء، ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو جعلهم واسطة بين الله وبين خلقه - من المسائل المجمع على كفر فاعلها - ممن مثله لا يجهلها - عند أهل العلم، وقد نقل ذلك عنهم ابن تيمية (٢) قال - رحمه الله -: (فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع، ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين) .

وقد نقل كلام شيخ إلاسلام هذا جملة من الفقهاء، كابن مفلح (٣) والمرداوي (٤) والحجاوي (٥) والبهوتي (٦) وابن ضويان (٧) وغيرهم رحمهم الله.

كما أن هذه المسألة - أيضًا - من الواضحات، والجهل بها من الفاضحات، والعلم بها ضرورة من ضرورات الدين، ومن أصول دعوة الأنبياء والمرسلين {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١]


(١) الفتاوى الكبرى (٤ / ٦٠٦) .
(٢) مجموع الفتاوى (١ / ١٢٤) .
(٣) الفروع (٦ / ١٥٨) .
(٤) الإنصاف (١٠ / ٣٢٧) .
(٥) الإقناع وشرحه (٦ / ١٦٨) .
(٦) المصدر السابق (٦ / ١٦٨) .
(٧) منار السبيل (٢ / ٣٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>