للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و)

[التوبة: ٣١] ، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] [البينة: ٥] .

ولقد جهل فئات من المسلمين هذا الأصل العظيم، وابتلوا بمشايخ سوء زينوا لهم مسالك أصحاب الجحيم، ونفروهم عن سلوك الطريق المستقيم، والمنهج القويم، اعتمدوا فيها على تأويلات باطلة، وأحاديث مفتعلة موضوعة مضللة، وكان من توفيق الله ومنته على خلقه، أن هيأ في كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويبصرون منهم على الأذى، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وكان من بين هؤلاء العلماء الأعلام، والقدوة السنام، الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إذ لما رأى تعلق كثير من المسلمين في زمانه بالمخلوقين، من أولياء وصالحين، وسؤالهم واتخاذهم وسائط بينهم وبين الله رب العالمين، دعاهم دعوة المشفقين، ونصحهم نصيحة المحبين {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس: ٢٠] [يس: ٢٠] ، {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: ٩٥] [آل عمران: ٩٥] ، وقام فيهم منذرًا {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: ١٦٨] [البقرة: ١٦٨] ، ولما رأى أعداؤه قبول الناس لدعوته، وتقبلهم لنصحه وطريقته، أخذوا يحذرون - كما هي عادة المبتدعين الضالين - أتباعهم وأعوانهم منه، فألصقوا به التهم والأكاذيب، وروجوا عنه الأباطيل والأعاجيب، فكانوا مما نسبوا إليه - زورًا وبهتانًا - القول بتكفير المسلمين، واستحلال دمائهم وأموالهم، إلى غير ذلك من إفكهم وتلفيقهم، وما كان من الشيخ - رحمه الله - إلا وأن أبان وهاء هذه الفرية، وسقوط هذه التهمة، في مواضع كثيرة من الرسائل والمصنفات.

قال الشيخ محمد - رحمه الله - نافيًا ذلك الزعم الفاسد، والرأي الكاسد (١) (وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: إنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر، ومن لم يقاتل، ومثل هذا، وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله، وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما؛ لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل، سبحانك هذا بهتان عظيم) .


(١) مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٣ / ١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>