وقال شيخ الإسلام أيضا في الفتاوى المصرية:"إن الله حرم أخذ دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل لما في ذلك من ضرر المحتاج وأكل ما له بالباطل، وكل قرض جر منفعة فهو ربا كما يقرض صناعه ليحابوه بالأجرة أو يقرضه مائة ويبيعه سلعة تساوي مائة بمائة وخمسين ونحو ذلك فهو ربا". انتهى، وذكر الجصاص في (أحكام القرآن) أن ربا أهل الجاهلية هو القرض المشروط فيه الأجل وزيادة مال على المستقرض.
وأما قوله: إن المصارف توظف الزمن.
فجوابه: أن يقال: إن معنى توظيف الزمن هو اشتراط زيادة على القرض المدفوع لتكون في مقابل الزمن الذي يجعله أهل المصارف أجلاً للقرض، وهذا عين الربا.
وأما قوله: ولا شك أن للزمن في ميدان النشاط الاقتصادي دورًا بارزًا لا مجال لإنكاره، ومن ثم فمن حق المتعامل أن يستفيد به.
فجوابه: أن يقال: هذا تصريح من الفتان بتحليل الربا الذي يجعله أهل المصارف في مقابلة الزمن ويسمونه فائدة، وهذا عين المحادة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما قوله: ولذلك جاز بيع السلعة بثمن أغلى نظير الأجل.
فجوابه: أن يقال: إن الفتان قد ساوى في هذه الجملة بين البيع الجائز وبين الربا المحرم الذي سماه توظيف الزمن وقال: "إن من حق المتعامل أن يستفيد به"، فجعل بيع السلعة بثمن مؤجل أكثر من ثمنها وقت البيع مثل القرض إلى أجل بزيادة على قدر القرض وهذا من أفسد القياس وهو مطابق لما أخبر الله به عن أهل الجاهلية أنهم قالوا:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}، وقد رد الله عليهم بقوله:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ} وفي هذه الآية أبلغ رد على الفتان.
وأما قوله: ومهما قيل في تفسير تلك العملية فإن عنصر الزمن بارز فيها، وأي إنكار له هو تخريج من بعيد ومتكلف.
فجوابه: أن يقال: لا يخفي ما في كلام الفتان من المعارضة لما تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن التفاضل في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة، وقال:«من زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» وفي رواية: «من زاد أو استزاد فهو ربا» وقد ذكرت الأحاديث الواردة في تحريم الربا في أول الكتاب فلتراجع (١)، ففيها أبلغ رد على ........