عندما بلغ الترف في العصر العباسي مداه وشمل جميع أنواع أمور الحياة أبتكر الأدباء البديع تزويقاً لشعرهم وتزييناً لنثرهم. بيد أن من خلفهم أكثروا من أنواعه حق أربت على مئة وخمسين نوعاً، ولزموا فيها ما لا يلزم من التعمل إظهاراً للبراعة وتنافساً في الصناعة حتى صاروا ينظمون ويكتبون بألفاظ كل حروفها معجمة أو مهملة كقوله أحدا:
أعددْ لحسادك حد السلاح ... وأورد الآمل ورد السماح
وقول الآخر:
فتنتني بجبين ... كهلال السعد لاح
وتعضهم أتى بكلمات حرف فيها معجم وحرف مهمل فقال:(أخلاق سيدنا تحَبُّ) . وصنع آخرون كلاما يقرأ طرداً وعكساً منها:(سور حماه بربها محروس) ، (دام علا العماد) ، (سر فلا كبا بك الفرسُ) ، (ربك فكبَّر) ، (رمح أحمر) .
ومن الإغراق في التعمُّل أن تظم أحدهم أبياتاً مزدوجة الألفاظ مختلفة المعاني إذاً صحفتْ بان أزيل نقطها بدت كل كلمتين برسم واحد فقال: