للعرب أمثال كما لغيرهم من الأمم تمثل طرفاً صالحاً من حياتهم وتعكس صوراً بينة من فداحة ألسنتهم وقوة حدسهم واقتضاب جملهم. قال أبو حيان:"بلاغة المثل أن يتكون اللفظ مقتضباً والصورة محفوظة والمرمى لطيفاً والإشارة مغنية والعبارة سائرة ". ومما زاد في رفعة قدر المثل ورود طائفة منه في القرآن الكريم قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} ، وقال:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} ، وقال:{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} .
ولإعجاب علماء العربية بالأمثال وبما حوته من تجربة واختبار ولطف كناية واختصار ألفوأ فيها المطولات وتعاقبوا على شرحها وتبيان وقائعها وأصولها. ومن أشهرها (مجمع الأمثال للميداني) ، و (الدرة الفاخرة للأصبهاني) ، و (المستقصى للزمحشري) ، و (أمثال القاسم بن سلام) ، و (أمثال الضبي) .
ولقد غضت في لجج هذه المصنفات وانتزعت من أصدافها دُرراً نفيسة تخيرت منها أوضحها لفظا وأقربها معنى. ولخصت ما طال من الشروح مضيفاً إلى بعضها ما يلائم المثل من آية الحديث أوحكمة أو أبيات من الشعر زيادة في الإبانة والاستبانة، ثم أتبعتها بما يجري مجرى المثل من شعر ابي الطيب وأبي العتاهية وأقوال الحكماء.
وقد بلغ عدد المنتخبات مئتين وواحداً وثلاثين مثلاً، نسَّقَت على أحرف الهجاء: