وإنما أوردْنا هذه المثل للاطلاع لا للأتباع، واجتزأنا من أنواع هذا العلم بما هو مستعذب مستملح، واقتصرنا على تعريفه بقولنا:
هو علم يعرف به وجوب تحسين الكلام المطابق لمقتضى الحال، وهذه الوجوه ما يرجع منها إلى تحسين المعنى يسمى بالمحسنات المعنوية، وما يرجع منها إلى تحسين اللفظ يسمى بالمحسنات اللفظية.
محسنات معنويةٌ
حسُن الابتداء: هو أن يستهل الكلام بلفظ يهش له السمع ويتقبله الذوق كالتهنئة ببناء قصر:
قصر عليه تحية وسلام ... خلعتْ عليه جمالها الأيام
وكالتهنئة بالشفاء من مرض:
المجدُ عوفي إذ عوفيت والكرم ... وزال عنك إلى أعدائك الألمُ
التورية: هي أن يذكر لفظ قريب غير مراد وبعيد مراد كقوله:
يا سيداً حاز لطفاً ... له البرايا عيبدُ
أنت الحسينُ ولكنْ ... جفاك فينا يزيذُ
الطبَاقُ: هو أن يجمع بين معنيين متضادين نحو: أضحك وأبكى وأمات وأحيا. ونحو:{يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} وكقول الشاعر:
إن كنت عبداً فنفسي حرة أبداً ... أو أسود الخلق إني أبيض الخُلق
فقد طابق بين الحرية والعبودية وبين سواد الخلق وبياض الخلق.
وكقول الآخر:
لئن ساءني أن نلتني بمساءة ... فقد سرني أني خطرت ببالكِ