صوتاً مطرباً، بأعلاه مرآة ترى منها القسطنطينية وبينهما عرض البحر، فكلما جهّز الروم جيشاً رؤي. وفي المرآة حكى المسعودي: أنها لم تزل كذلك إلى أن ملكها المسلمون، فاحتال ملك الروم في هدمها على الوليد بن عبد الملك، بأن أنفذ أحد خواصه ومعه جماعة إلى بعض ثغور الشام، وأظهر الرغبة في الإسلام، وأظهر كنوزاً كانت بالشام ومن الدفائن، ما حمل الوليد على أن صدقه بأن تحت المنارة أموالاً ودفائن وأسلحة دفنها الاسكندر، فجهزه مع جماعة من خاصته إلى الإسكندرية فهدم ثلث المنارة وأزال المرآة، فعلم الناس أنها مكيدة فأستشعر ذلك فهرب في مركب كان له هنالك، والله غالب على أمره، وقد صارت أثراً بلا عين، بل خبراً عن ذلك الأثر، فلله درّ الليالي:
لنا ملك ينادي كلّ يومٍ ... لدوا للموتِ وابنوا للخرابِ
ومما قيل في المنار:
إن كنت تحسن تشبيه المنار فقل ... كما أقول وصفها مثلما أصف
كأنَّها غادة قامتْ على شرف ... تأتي الجواري إليها ثم تنصرف
وقال:
وسامية الأرجاء تُهدي أخا السُمرى ... ضياء إذا ما حندس الليل أظلما
ليست بها بُرداً من الأنس صافياً ... فكان بتذكار الأحبة معلما