العراق، فلما وصل إلى المشهد الفروي خرج لملاقاته الأعيان، وكان في جملة من خرج من غمار الناس شخص معه أسد مسلسل، فتطيّر منه الشريف قتادة وقال: مالي وبلدة تذل فيها الأسود؟ فرجع لوقته إلى الحجاز. فكتب إليه الناصر يعاتبه على قدومه عليه ورجوعه قبل وصوله إليه، فكتب إليه الشريف قتادة:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ ... ولو أنني أعرى بها وأجوعُ
ولي كفِّ ضرغامٍ إذا ما بسطتها ... بها أشتري يوم الوغا وأبيعُ
مُعَوّدةٌ لَثْمَ الملوكِ لظهرها ... وفي بطنها للمجدبين ربيعُ
أأتركها تحت الرهان وأبتغي ... لها مخرجاً إني إذاً لرقيعُ
وما أنا إلا المسكُ في غير أرضكم ... يضوعُ وأما عندكم فيضيعُ
فكتب إليه الناصر أما بعد فإذا نزع الشتاء جلبابه ولبس الربيع أثوابه، قابلناكم بجنود لا قبل لكم بها، ولنخرجنّكم منها أذلة وأنتم صاغرون. فلما أحس بالشرّ
كتب إلى بني عمه أبناء الحسين من أهل المدينة يستنجدهم، وكتب إليهم أبياتا منها قوله:
بني عمنا من آل موسى وجعفر ... وآل حسين كيف صبركم عنا
بني عمنا إنّا كأفنان دوحة ... فلا تتركونا تتخذنا العدى قنّا
إذا ما أخٌ خَلَّى أخاه لآكلٍ ... بدا بأخيه الأكلُ ثم به ثَنّى
فلما أقبلت الكتيبة الناصرية، وقد أتته رجال النجدة من بني الحسين، بدد شمل تلك الكتيبة وكسرها، وأستأصل ساقتها وقهرها، وضاقت عليهم الأرض، حتى أن هاربهم إذا رأى غير شخص ظنه رجلاً. فلما رأى الناصر شدّة بأسه