وحسن العمارة وسعة المكان، وقال لسان النظر لما شاهد جمالها الباهر وجلالها القاهر: ما في الإمكان أبدع مما كان، وكيف لا وقد تزينت بحلول من رَتَع العالم في ظل عدله بالأمان، صاحب البند والعلم والسيف والقلم، سَرَّ الله تعالى في الوجود المشرق بَدْرُه في أفق السعود، الملك الموفق للسداد، السلطان مراد، علا على كل سلطان بسطوته، وقدمته ملوك الأرض بصولته، وكيف لا وهو الخليفة على الخليقة، وصاحب السلطنة العظمى في الحقيقة، فلا زالت أصول دوحته الشريفة ثابتة، وفروعها بأنواع ثمار اللطائف
المنيفة نابتة، وأفلاك زهر العدل بدولته القاهرة مشرقة الأنوار، ورياض زهر الأمن بآياته الباهرة مونقة النوار، ولا برحت أركان البيوت العلوية بشرف همته العلية قائمة، وله من مسك الثناء على مكارم أخلاقه حسن الخاتمة.
عليك إذا ما رُمت ذكر مديحه ... يقول لسان الحال وهو صواب
تجاوزَ قدرَ المدحِ حتى كأنَّه ... بأحسنَ ما يثنى عليه يعاب
ولما أحلّنيها الحظْ، وسرّحت فيها اللحظْ:
رأيت بها ما يملأ العين قرةً ... ويُسْلي عن الأوطانِ كلّ غريب
غير أني أقول كما قيل:
كيف يلذ العيشُ في بلدةٍ ... سكان قلبي غير سُكّانها
لو أنها الجنة قد أُزْلِفَتْ ... لم أرْضَها إلا برضوانها
فأول مولى تشرفت بالمثول بين يديه، وتحققت أن السيادة قد طنبت لديه، المولى الذي تطرزت ديباجة هذه الرسالة، ببعض ألقابه التي هي لبدر محاسنه هالة.
أتيته فرأيت الناس في رجل ... والدهر في ساعة والأرض في دار
فلا زال سعيه الطالع مسعود الجناب، ولا بَرِح يحيا في سعد ممدود الإطناب، فقابلني بالقبول التام، وعاملني بالبر والإكرام:
بشاشة وجه المرء خير من القِرى ... فكيف الذي يأتي به وهو ضاحكُ