ثم إني اجتمعت بفخر الأغاوات وسردار السلطنة، المولى إدريس آغا وكان لي إليه مطلب ركبت له المهالك، فامتنع من ذلك، وكنت أعتقد أن الله تعالى سيجري على
يديه أنواع المبرّات، ويُسدي إليّ من جميل لطفه أصناف المسرات:
وما كلّ ما يحكي التوهم صادقاً ... ولا كلّ ما تحوي الظنون محصلا
مع أن أولى من لُحِظ من الصدقات السلطانية، دام نصرها بعين اللطف والإقبال، وأحق من شَمِلَتْه العواطف الخاقانية، لا انقضى خيرها على كلّ حال. وفي كلّ حال، العصابة العلوية التي اختصت من الزمان بالحرمان، والعترة النبوية التي لم تظفر من نوائب الحدثان بالأمان!!
وإن لم أفز حقاً إليك بنسبة ... لعزتها حسبي افتخاراً بهمتي
هذا وهو النفس الناطقة للسلطنة، والعين الناظرة لأهل الحرمين، وذلك بعد المعرفة والتعريف، والوقوف على ذلك الباب الشريف، وكان يقال من أمَّ الماء وجد الماء وما وقع العتاب إلا على الشراب:
لنا عتبٌ على سلمات سَلْعٍ ... وحاشا العامرية من عتابِ
وقال:
وقد صدرتُ ولكن بعد مهلكةٍ ... كما وردت لأمرٍ خُطَّ في الكتبِ
وهذه الشمسُ تلقى عكس مقصدها ... في كلّ يوم ولولا ذاك لم تغبِ
وقال:
وما هو إلا الحظُّ يعترضُ المُنى ... ولولاه كان الدهر أطوع مأمورِ
وكم في البرايا بين عَانٍ ومُطْلَقٍ ... وسالٍ ومحزونٍ ودان ومهجورِ
وقال:
فإذا سمعت بأنَّ محروماً أتى ... ماءً ليشربه فغاض فصدَّق