وما مضى ضفه إلى واوٍ وقافْ ... فالسدس منه النيل وقّيتَ المخاف
وما ألطف ما قال:
نيل همومي وما لقيتُ بهِ ... لفرطِ وجدي وفيضِ بلوائي
وقفتُ أبكي على سواحلِهِ ... فمن دُموعي زيادةُ الماءِ
حكى الجاحظ أن عجائب الدنيا ثلاثون أعجوبة، منها بسائر الأرض عشر، وباقيها بمصر، الهَرَمان، بفتح أوّليه، وهما أطول بناء وأعجبه، من رآهما ظن أنهما جبلان بالجزيرة. قال ابن الوردي في الخريدة: الجزيرة مدينة على ضفة النهر، وهي أربعون قوساً على سطر واحد، وبها الأهرام التي هي من عجائب الدنيا، ولم يبن مثلها، بنيت بصفة الهندسة، وكانوا يثقبون الصخر من طرفه ويجعلون فيه قضيباً من الحديد، ويثقبون الحجر الآخر وينزلونه فيه، ويذيبون الرصاص ويجعلونه في القطب. وهي ثلاثة أهرامات ارتفاع كلّ هرم في الهواء مائة ذراع بالملكي، وهي مهندمة الجوانب، محدودة الأعالي من أواخرها، طولها على ثلاثمائة ذراع. يقال إن داخل الهرم الغربي ثلاثون مخزناً من حجارة الصوان الملوّنة، مملوّة بالجواهر النفيسة والأموال الجمة، والأسلحة الفاخرة المدهونة بأدهان الحكمة فلا تصدأ أبداً، وفيه الزجاج الذي ينطوي ولا ينكسر، وفي الهرم الشرقي الهيئات الفلكية، والكواكب المنقوشة فيها ما كان وما يكون إلى آخر الدهور. يقال إن أحد الهرمين قبر هرمس عليه السلام، والآخر قبر امرأته وقيل قبر أبنه، وهرمس بلسان الحكماء هو إدريس عليه السلام، وهو الجَد الثالث لنوح
عليه السلام، وأبو صاب الذي تنسب إليه الصابئة التي تعظم الكواكب.
ويقال إن أحد الهرمين بني بيتاً لعطارد، والآخر هيكلاً للجوزاء، وسطح الهرم مستوٍ يسع نحو مائة رجل، وقيل إن أرسطاليس مدفون في أحدهما والإسكندر في الآخر، وقيل بني باسمه ولم يدفن فيه، وقيل وقيل. .!