وفي سنة أربع وأربعين زلزلت مصر زلزلة شديدة، هدمت البيوت، ودامت ثلاث ساعات. وفي سنة تسع وأربعين رجع حجاج مصر من مكة، فنزلوا وادياً أخذهم فيه السيل عن آخرهم. وفي سنة ستين سار رجل من مصر إلى بغداد وله قرنان، فقطعهما وكواهما، وكانا يضربان عليه، حكاه صاحب المرآة.
وفي سنة أربع وثمانين وخمس وثمانين انفرد بالحج أهل مصر، ولم يحج ركب العراق ولا الشام لفساد الطريق بالأعراب.
وفي سنة سبع وتسعين كسا الحاكم الكعبة القباطي البيض.
وفي سنة سبع وأربعمائة تشعّب الركن اليماني من المسجد الحرام، وسقط جدار من قبر النبي عليه السلام، وسقطت القبة الكبيرة على صخرة بيت المقدس.
وفي أيام الحاكم زلزلت مصر زلزله شديدة حتى رجفت أرجاءها وضجت الأمة، فقال محمد بن قاسم بن عاصم شاعر الحاكم:
بالحاكم العدل أضحى الدين معتلياً ... وكيف لا وهو نجل السادة النُجبا
ما زلزت مصر من سوء يراد بها ... وإنَّما رقصت من عدله طربا
وفي سنة ثلاثين لم يحج أحد من الأقاليم بأسرها.
وفي سنة إحدى وأربعين ارتفعت سحابة سوداء ليلاً وزادت على ظلمة الليل،
فظهرت جوانب السماء كالنار المضيئة، واستمرّت ساعة والناس يتضرعون.
وفي سنة ثلاث وأربعين قال في المرآة: عَمّ الوباء والقحط مصر والشام وبغداد والدنيا، وانقطع ماء النيل، وفيها ظهر نجم له ذؤابة بيضاء طولها في رأي العين نحو عشرة أذرع في عرض ذراع، واستمرّ كذلك شهراً كاملاً ثم اضمحل.
وفي سنة ستين وقع بمصر غلاء لم يسمع بمثله من عهد يوسف الصديق عليه السلام، وأقام سبع سنين متوالية، بحيث أُكلت الميتة، وبيع الكلب بخمسة دنانير، ولم يبق للخليفة سوى ثلاثة أفراس بعد العدد الكثير، ونزل الوزير يوماً عن بغلته، فأُخذت من غلمانه فذُبحت وأُكلت، فأخذ الذين أكلوها وصلبهم، فأصبحوا وقد أكلهم