أترجو أمة قتلت حسيناً ... شفاعةَ جدِّه يومَ الحسابِ
وللشيعة في هذا اليوم سُنن، منها عدم الاكتحال، وتلطّف في ذلك من قال:
ولائمٌ لامَ في اكتحالي ... يومَ أراقوا دمَ الحسينِ
فقلتُ دعني أحق عضو ... فيه بلبس السواد عيني
ومنها الندب والنياحة، وإلى الصبر مصير الجزع، وما أحسن ما قال المتنبي:
علينا لك الإسعادُ إن كان نافعاً ... بشقِ قلوبٍ لا بشقِ جيوبِ
وقد فارقَ الناسُ الأحبةَ قبلنا ... وأعيا دواءُ الموت كلّ طبيبِ
ومن المزارات التي بمصر مشهد السيدة نفيسة طيّب الله ثراها، وهي بنت الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أمها أم ولد، ولدت بمكة سنة أربع وخمسين ومائة، وقدمت مصر سنة إحدى وسبعين، وبها نشأت وتزوجت بإسحاق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق، فولدت منه القاسم وأم كلثوم ولم يعقبا، وكانت من الزهد والصلاح على ما لا مزيد عليه، وحجّت ثلاثين حجة، وكانت تحفظ القرآن وتفسره، ولا تأكل إلا في ثلاثة أيام أكلة واحدة.
ويحكى أن النيل توقف مرة فَرُفع إليها خَبَرُه، وما حصل بسببه من القحط، فأمرت أن يلقى قناعها في النيل، فلما أُلقيَ زاد النيل، كذا في الخطط!
ومن المزارات بمصر تربة الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وفي ذلك قيل:
لما خشيتُ من الجحيمِ وحرِّها ... خوفاً وقد ضاقت عليّ مسالكي
زرتُ الإمامَ الشافعي لعلني ... أجدُ الرضى بالشافعي من مالكي
بِتُّ بها ليلة تجاه ذلك القبر المُعطّر، والقراء حوله يتلون الكتاب المطهّر، بأحسن أداء يتحرك له الجماد ويصفو له الفؤاد، فبتنا تلك الليلة نحييها، ونميت النوم ونعصي بالسهر أمره، فماله من سلطان على أعين القوم، وكانت ليلة سبت مبارك، جاد بها الدهر من فضل الله تعالى وتبارك.
يا ليلة مرَّت لنا حلوة ... بها انتصفنا من صروفِ الزمانِ
كانت على وفق المنى ليلة ... كم جهد قولي كان فيها وكان
قال في إمتاع الأسماع: ولم يزل قبر الشافعي مزاراً يتبرك به إلى سنة ثمان وستمائة، حيث انتهى بناء هذه القبة التي هي على ضريحه، وقد أنشأها الملك العادل ابن