للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة) والأول بصوت يتمثل لسمعه أو بغير صوت. ويفرق بينه وبين الإلهام بأن الإلهام (وجدان تستيقنه النفس فتنساق إلى ما يطلب من غير شعور منها من أين يأتي). وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور (١).

س: ما هو الوحي اصطلاحا؟

ج: الوحي اصطلاحا هو الإشارة السريعة: بأن يعلم الله تعالى من اصطفاه من عباده كل ما أراد اطلاعه عليه من ألوان الهداية والعلم، ولكن بطريقة سرية خفية غير معتادة للبشر.

س: لقد عرفنا مما سبق تعريف الوحي. فما هي أنواعه وطرقه؟

ج: للوحي أنواع شتى وكذلك الطرق. فمنه ما يكون مكالمة بين العبد وربه كما كلم الله موسى تكليما. ومنه ما يكون إلهاما يقذفه الله في قلب مصطفاه من خلقه على وجه من العلم الضروري لا يستطيع له دفعا، ولا يجد فيه شكا، ومنه ما يكون مناما صادقا يجيء في تحققه ووقوعه كما يجيء فلق الصبح في تبلّجه وسطوعه.

ومنه ما يكون بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام وهو ملك كريم ذو قوة عند ذي العرش مكين، مطاع ثم أمين. وذلك النوع من الوحي هو أشهر الأنواع وأكثرها، ووحي القرآن كله من هذا القبيل. وهو المصطلح عليه (بالوحي الجلي) قال الله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (٢).

س: ما هي الصورة التي كان يأتي بها ملك الوحي جبريل عليه السلام؟

ج: إن لملك الوحي جبريل عليه السلام صورا شتى يظهر بها. فتارة يظهر للرسول في صورته الحقيقية الملكية. وتارة يظهر في صورة إنسان يراه الحاضرون ويستمعون إليه. وتارة يهبط على الرسول خفية فلا يرى ولكن يظهر أثر هذا بالتغير على صاحب الرسالة، فيثقل ثقلا شديدا، وقد يتصبب منه الجبين عرقا في اليوم الشديد البرد. وقد


(١) انظر مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان ص ٢٩، ٣٠.
(٢) سورة الشعراء آية ١٩٣ - ١٩٥.

<<  <   >  >>