للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السورة التي سمعتك تقرؤها، فانطلقت أقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله:

إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أرسله يا عمر» أي أطلقه. «اقرأ يا هشام» فقرأ هذه السورة التي سمعته يقرؤها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «هكذا أنزلت» ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقرأ يا عمر» فقرأت القراءة التي أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

«هكذا أنزلت» ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منها» (١).

وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة اختلافا كثيرا لا يتسع المقام لذكره هنا، ولكنني أقدم لإخواني القرّاء من بين هذه المذاهب أرجحها، وهو مذهب أبي الفضل الرازي، إذ يقول في اللوائح: المراد بهذه الأحرف الأوجه التي يقع بها التغاير والاختلاف، وهذه الأوجه التي يقع بها التغاير والاختلاف لا تخرج عن سبعة وهي:

الأول: اختلاف الأسماء في الإفراد والتثنية والجمع نحو قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ (٢). قرئ مسكين بالإفراد وقرئ مساكين بالجمع.

الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر نحو قوله تعالى:

وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (٣) قرئ بفتح التاء والطاء مخففة مع فتح العين؛ على أنه فعل ماض، وقرئ (يطّوّع) بياء مفتوحة وبعدها طاء مشددة مفتوحة مع جزم العين على أنه فعل مضارع.

الثالث: اختلاف وجوه الإعراب نحو قوله تعالى: وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (٤) قرئ بضم التاء ورفع اللام على أن لا نافية. وقرئ بفتح التاء وجزم اللام على أن لا ناهية (ولا تسئل).

الرابع: الاختلاف بالحذف والزيادة نحو قوله تعالى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (٥) قرئ بإثبات الواو قبل السين وقرئ بحذفها (سارعوا).


(١) رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وأحمد، وابن ماجة.
(٢) سورة البقرة آية ١٨٤.
(٣) سورة البقرة آية ١٥٨.
(٤) سورة البقرة آية ١١٩.
(٥) سورة آل عمران آية ١٣٣.

<<  <   >  >>