للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرى أن القراءة وإن كانت مشهورة إلا أنها ليست حجة، وبهذا لا يكون هنا مقيد يحمل عليه المطلق (١).

ثانيا: أن يتحد السبب ويختلف الحكم، مثال ذلك: الأيدي في الوضوء والتيمم. في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ (٢) قيد غسل الأيدي هنا في الوضوء بأنه إلى المرافق.

وأطلق المسح في التيمم في قوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ (٣) فقد قيل: هنا لا يحمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكم، وعليه أكثر أهل العلم. وخالف أكثر الشافعية وقالوا: يحمل المطلق على المقيد هنا لاتحاد السبب ثالثا: أن يختلف السبب ويتحد الحكم: ولهذا صورتان:

الصورة الأولى: أن يكون التقييد واحدا، كعتق الرقبة في الكفارة، وقد ورد اشتراط الإيمان في الرقبة بتقييدها (بالرقبة المؤمنة) في كفارة القتل الخطأ- كما قال تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (٤) فهنا قيدها بالمؤمنة- أما في كفارة الظهار فقد أطلق الرقبة ولم يقيدها؛ حيث قال تعالى: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا (٥) هنا أطلقها. وكذلك في كفارة اليمين حيث قال تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ (٦) وهنا أيضا بدون تقييد في هذه الآية. وقد قال جماعة منهم المالكية وكثير من الشافعية: يحمل المطلق على المقيد؛ فلا تجزئ الرقبة الكافرة في كفارة الظهار واليمين. وقال آخرون وهو مذهب الأحناف: لا يحمل المطلق على المقيد فيجوز عتق الرقبة الكافرة في كفارة الظهار واليمين. هذه هي الصورة الأولى.


(١) انظر مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان ص ٢١٠.
(٢) سورة المائدة آية رقم ٦.
(٣) سورة المائدة آية رقم ٦.
(٤) سورة النساء آية رقم ٩٢.
(٥) سورة المجادلة آية رقم ٣.
(٦) سورة المائدة آية رقم ٨٩.

<<  <   >  >>