للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظلم النفس فقال له: [قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً .. ] وهذا تعليم منه - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر ومن وراء أبي بكر يعلم الأمة جميعاً بالاعتراف لله تعالى فيكون حتماً ندماً ... والندم توبة ولا شك. فالاعتراف بالذنب عمل صالح أيضاً ... والتوبة إلى الله من الذنب عمل صالح كذلك.

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: [قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ... ] تضمن كل هذه المعاني التي تنم عن تلك الأعمال الصالحة. وقوله: [ولا يغفر الذنوب إلا أنت] هو معرفة واعتراف أيضاً بأنه لا يوجد في الأرض ولا في السماء ولا فيما بينهما أحد يغفر الذنوب إلا الله وهذا فيه توسلان: توسل باعترافه ومعرفته اللذين هما عمل صالح ثم علمه بأنه هو وحده غافر الذنب وقابل التوب هو توسل باسمه تعالى الغفار. ولولا علمه أنه غافر الذنب وحده لا شريك له وقابل التوب وحده لا شريك له لما استغفر ولا تاب إليه فاستغفاره والتوبة إليه علم منه بأنه وحده يطلب منه ذلك لأنه وحده القادر على ذلك وهذا الإيمان والعلم كذلك عمل صالح.

أرأيت يا أخي كم تجمع في قوله: [اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت ... ] من أعمال صالحة وتوحيد باسمه التواب والغفار .. ؟ فبعد أن قدم دعائه كل هذه التوسلات بالأسماء والصفات والأعمال الصالحة شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمه بعد ذلك الدعاء: [ ... فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم] قف يا أخي قليلاً عند هذه ((الفاء)) من قوله: ((فاغفر لي)) وأمعن النظر جيداً ... واستوضح ما فيها من معان ... تر ... إن هذه الفاء وحدها حملت كل المعاني التي تقدمت من التوسلات بالأعمال الصالحة وبالأسماء والصفات أي: فيما قدمت من اعترافي بذنوبي ومعرفتي وعلمي بها وندمي على ما فرطت وبتوبتي إليك وباستغفارك وبأنك أنت الغفار التواب ... اغفر لي بمغفرة من عندك وحدك لا شريك لك، وارحمني برحمتك التي وسعت كل شيء فإنك وحدك أنت الغفور وأنت الرحيم ولا يغفر ولا يرحم إلا

<<  <   >  >>