للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن طاعتهما عمل صالح ... إذن ... فرسول الذي توسل بهذا الحديث المشتمل على التوسل بأسمائه وصفاته والعمل الصالح أصاب الأجرين وكل من يتأسى في ذلك من أمته فله الأجران أيضاً أي أجر التوسل بالأسماء والصفات وأجر التوسل بالأعمال الصالحة ... وكل حديث يماثل هذا الحديث باشتماله على الوسلين الآنفين ... فله حكم هذا الحديث من حيث أن له الأجرين ... ولعل هذا التفصيل فيه فائدة نرجو الله تعالى ألا تفوت أحداً من المسلمين ولهذا قدمناه بين يدي الكلام على هذا الحديث.

يفتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توسله بحمد وأنه قيم السموات والأرض أي القائمات بأمره وله الحمد ثم يقر ويؤمن بأنه تعالى هو الحق ووعده للمؤمنين بالرضا والجنة وللكافرين بالسخط والنار لا شك أنه وعد حق ولسوف يبر به الفريقين ويؤمن بأن لقاء الله لعباده يوم البعث حق وقوله الذي أنزله على أنبيائه ورسله هو حق وصدق وبأن الجنة حق في وجودها والتنعم بها وأنها مثوى المؤمنين خالدين فيها أبداً وبأن النار حق في وجودها والعذاب فيها وأنها مثوى المشركين والكافرين وأنهم خالدون فيها أبداً لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب وبأن النبيين حق أرسلهم الله واسطة تبليغ للناس أوامر الله ونواهيه وبأن خلقهم وبأن خاتمهم وأفضلهم وأكرمهم على الله محمداً حق جاء بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فمن اتبعه نجا ومن أعرض عنه هلك وبأن الساعة حق وأنها آتية لا ريب فيها إن هذه الإيمان بكل ما تقدم هو العقيدة الملزم بها كل مسلم ... لا شك بأنه عمل صالح.

ثم قال عليه الصلاة والسلام متوسلاً بإسلامه وتسليم أموره كلها لله تعالى وبإيمانه به وتوكله عليه وإثباته إليه. وأنه لا يخاصم أحداً إلا به ولا يحتكم لأحد إلا إليه تعالى.

كل هذا الإيمان بالله وحده والثناء عليه ... وكل ما تقدم من التوسل المشروع بالأعمال الصالحة جعله واسطة بينه وبين قبول دعائه ... فبعد أن قدم كل ذلك شرع عليه الصلاة والسلام بالدعاء فقال عليه أفضل الصلاة وأتم التحية: ((فاغفر

<<  <   >  >>